قوله : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ) : يعني ما عاهدتم عليه فيما وافق الحقّ. (إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) (٣٤) : أي مطلوبا ، يسأل عنه أهله الذين أعطوه.
قوله : (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ) : والقسطاطس العدل بالروميّة (ذلِكَ خَيْرٌ) : أي : إذا وفّيتم الكيل وأقمتم الوزن. (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (٣٥) : أي خير ثوابا وخير عاقبة.
قوله : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) (٣٦) : أي لا تقل : رأيت ولم تر ، أو سمعت ولم تسمع فإنّ الله سائلك عن ذلك كلّه (١).
قال الحسن : لا تقف أخاك المسلم من بعده إذا مرّ بك فتقول : إنّي رأيت هذا فعل كذا وكذا ، ورأيت هذا يفعل كذا وكذا ، وسمعته يقول كذا وكذا لما لم تر ولم تسمع. (كلّ أولئك كان عنه مسئولا) أي : لا تقل : رأيت وسمعت فإنّ الله سائلك عن ذلك كلّه ، أي : يسأل السمع على حدة عمّا سمع ، ويسأل البصر على حدة عمّا رأى ، ويسأل القلب عمّا عزم عليه.
قوله : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) : أي على الأرض. و (في) في هذا الموضع بمعنى على. (مرحا) أي : كما يمشي المشركون ، فتمرح في الأرض ، وهي مثل قوله : (ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) (٧٥) [غافر : ٧٥]. وكقوله : (وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا) [الرعد : ٢٦] يعني المشركين الذين لا يقرّون (٢) بالآخرة.
قال : (إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ) : أي بقدميك إذا مشيت (٣). (وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ
__________________
(١) (لا تقف) من قفوت الأثر إذا تتّبعته. قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ١ ص ٣٧٩ : «مجازه : ولا تتّبع ما لا تعلمه ولا يعنيك. وذكر أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «نحن بنو النضر بن كنانة لا نقذف أمّنا ولا نقفو آباءنا». وروي في الحديث : «ولا نقتفي من أببنا». وقال ابن قتيبة في غريب القرآن ، ص ٢٥٤ : «(ولا تقف ما ليس لك به علم) أي : لا تتبعه الحدس والظنون ثمّ تقول : رأيت ولم تر ، وسمعت ولم تسمع ، وعلمت ولم تعلم».
(٢) كذا في د وع : «لا يقرّون» ، وفي ق : «لا يقولون» ، وفي سع «لا يفرحون» وهذه الأخيرة أنسب.
(٣) وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٣٨٠ : «مجازه : لن تقطع الأرض ... وقال آخرون : إنّك لن تنقب ـ