قال بعضهم : (حجابا مّستورا) وهو أكنّة على قلوبهم بأن لا يفقهوه. أي : إنّما جعل الله الكفر حجابا على أهله لا يفقهون معه الحقّ ولا يقبلونه لتديّنهم بالكفر وتعلّقهم به (١).
قوله : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ) : أي إذا قلت : لا إله إلّا الله (وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً) (٤٦) : أي أعرضوا. وقال بعضهم : إنّ المسلمين لمّا قالوا لا إله إلّا الله أنكر ذلك المشركون وكبرت عليهم ، وضاق بها إبليس وجنوده. وهو كقوله : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) (٥) [سورة ص : ٥]. قوله : (وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً) أي : أعرضوا عنه ونفرت منه قلوبهم ، وما برحت أبدانهم من أماكنها ، وإنّما نفروا بقلوبهم بالإعراض والتكذيب.
قوله : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى) : أي يتناجون في أمر النبيّ عليهالسلام. (إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ) : أي المشركون (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) (٤٧).
قال بعضهم : بلغنا أنّ أبا سفيان بن حرب وأبا جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة في رهط من قريش قاموا من المسجد إلى دار في أهل الصفا فيها نبيّ الله يصلّي ، فاستمعوا. فلمّا فرغ نبيّ الله من صلاته قال أبو سفيان لعتبة : يا أبا الوليد ، أناشدك الله هل تعرف شيئا ممّا يقول؟ فقال عتبة : اللهمّ أعرف بعضا وأنكر بعضا. فقال أبو جهل : وأنت يا أبا سفيان؟ قال أبو سفيان : اللهمّ نعم. فقال أبو سفيان لأبي جهل : يا أبا الحكم هل تعرف شيئا ممّا يقول؟ قال أبو جهل : لا والذي جعلها بنيّة ، يعني الكعبة ، ما أعرف ممّا يقول قليلا ولا كثيرا ، وإن يتبعون إلّا رجلا مسحورا ، يعني المؤمنين اتّبعوا رجلا مسحورا. وقال بعضهم : [نجواهم أن زعموا أنّه] (٢) مجنون وأنّه ساحر ، وقالوا : أساطير الأوّلين.
__________________
(١) وهذه الجملة أيضا من قوله : «إنّما جعل الله الكفر ...» وهي تأكيد للمعنى الأوّل ، من زيادات الشيخ هود انفردت بها المخطوطات الأربع.
(٢) زيادة من سع لتستقيم العبارة.