قوله : (سُبْحانَهُ) : ينزّه نفسه (وَتَعالى) : أي ارتفع (عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً) (٤٣) : أي ارتفاعا عظيما.
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ) : أي ومن فيهنّ (وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ) : أي من المؤمنين ومن يسبّح له من الخلق. (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (٤٤).
قال الحسن : إنّ الجبل يسبّح ، فإذا قطع منه شيء لم يسبّح ذلك المقطوع ويسبّح الأصل. وكذلك الشجرة ما قطع منها لم يسبّح وتسبّح (١).
قال : (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ، إِنَّهُ ، كانَ حَلِيماً غَفُوراً) كقوله : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ) وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٦١) [النحل : ٦١] أي : إذا لحبس عنهم القطر فأهلكهم. قال : (غفورا) لهم ، أي : إن تابوا. وقال بعضهم : (حليما) أي : عن خلقه فلا يعجل كعجلة بعضهم على بعض ، غفورا لهم إذا تابوا وراجعوا الحقّ.
قوله : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) : أي لا يصدّقون (بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) (٤٥) : أي جعل الله الكفر الذي كان منهم حجابا لهم حجبهم به عن الإيمان. (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ) : أي لئلّا يفقهوه (وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) : وهو مثل قوله : (وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً) [الجاثية : ٢٣] وكلّ هذا إنّما فعله الله بهم لفعلهم الكفر الذي كان منهم (٢).
__________________
(١) كذا في ع وق ، وفي د : «يسبّح الأصل». وما أثبتّه هو الصواب. وانظر في معاني الفرّاء ، ج ٢ ص ١٢٤ ـ ١٢٥ بيانا لغويا شافيا في تذكير قوله تعالى : (يسبّح) أو تأنيثه ، وروى الفرّاء في آخر كلامه قولا لسعيد بن جبير قال : «كلّ تسبيح في القرآن فهو صلاة ، وكلّ سلطان حجّة ، هذا لقوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ)».
(٢) هذه الجملة الأخيرة من كلام الشيخ هود الهوّاريّ ، موجودة في المخطوطات الأربع دون سع.