يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) : أي : حجارة من السماء يحصبكم بها كما فعل بقوم لوط ، يعني الذين خرجوا من القرية فأرسل عليهم الحجارة وخسف بأهل القرية. (ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً) (٦٨) : قال بعضهم : منيعا ولا نصيرا.
(أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ) : أي في البحر (تارَةً أُخْرى) : أي مرّة أخرى (فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ) : والقاصف من الريح الشديد (فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) (٦٩) : أي لا تجدوا أحدا تبيعا بذلك لكم فينتصر لكم. وهو كقوله : (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها) (١٤) [الشمس : ١٤ ـ ١٥] أي : فسوّاها عليهم بالعذاب. (وَلا يَخافُ عُقْباها) أي : التبعة ، فينتصر لهم. وقال بعضهم : ولا يخاف أن يتبع بشيء ممّا أصابكم. وقال مجاهد : (تبيعا) أي : ثائرا (١).
قوله : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) (٧٠).
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه كانوا في سفر فأتوا على برك من ماء فكرعوا فيها (٢) فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اغسلوا أيديكم واشربوا منها (٣) فنزلت هذه الآية عند ذلك.
__________________
(١) الثائر هنا هو الذي يطلب دم القاتل حتّى يدركه. يقال : ثأر القتيل وبالقتيل إذا قتل قاتله. والثائر : الذي لا يبقي على شيء حتّى يدرك ثأره ؛ وليس هو اسم فاعل من ثار يثور ثورة وثورانا ، إذا هاج وغضب ، وإنّما هو من ثأر يثأر ، فالهمزة في الأوّل أصليّة وفي الثاني منقلبة عن أصل واويّ.
(٢) كرع في الماء يكرع كروعا وكرعا : تناول الماء بفيه من موضعه من غير أن يشرب بكفّيه أو بإناء. وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم دخل على رجل من الأنصار ومعه صاحب له فقال له النبيّ : إن كان عندك ماء بات هذه الليلة في شنّه وإلّا كرعنا. قال : والرجل يحول الماء في حائطه ... إلى آخر الحديث. أخرجه البخاريّ في كتاب الأشربة ، باب شرب اللبن بالماء. وترجم البخاريّ في كتاب الأشربة ، باب الكرع في الحوض. وعبارة سع ، ورقة ١١ ، جاءت هكذا : «فمرّوا ببرك فيها ماء فوضع بعضهم رؤوسهم يشربون منها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اغسلوا أيديكم ...».
(٣) أخرجه ابن ماجه في كتاب الأشربة ، باب الشرب بالأكفّ والكرع (رقم ٣٤٣٣) عن ابن عمر ، وأخرجه البيهقيّ في الشعب عن ابن عمر أيضا ولفظه : «لا تكرعوا ، ولكن اغسلوا أيديكم ، ثمّ اشربوا فيها ، فإنّه ـ