ونبيّ الله بين أيدي الناس. يقتدي الناس بنبيّهم ، ويقتدي نبيّ الله بجبريل. ثمّ خلّى عنهم حتّى غاب الشفق وانقضى (١) العشاء نودي فيهم : الصلاة جامعة. فاجتمعوا ؛ فصلّى بهم العشاء أربع ركعات ، يعلن في الركعتين الأوليين ولا يعلن في الآخرتين ؛ جبريل بين يدي نبيّ الله ، ونبيّ الله بين أيدي الناس. يقتدي الناس بنبيّهم ويقتدي نبيّ الله بجبريل. ثمّ بات الناس ولا يدرون أيزدادون على ذلك أم لا. حتّى إذا طلع الفجر نودي فيهم الصلاة جامعة. فاجتمعوا فصلّى بهم الصبح ركعتين أطالهما وأعلن فيهما بالقراءة. جبريل بين يدي نبيّ الله ، ونبيّ الله بين أيدي الناس. يقتدي الناس بنبيّهم ويقتدي نبيّ الله بجبريل.
ذكروا أنّ عبد الله بن مسعود قال : والذي لا إله غيره إنّ هذه الساعة لميقات هذه الصلاة ، يعني المغرب ، ثمّ قال : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) يعني غروبها ، أي : زوالها حين تغيب ، في قول ابن مسعود. (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) أي : مجيء الليل ، والصلاة فيما بينهما.
وتفسير ابن عبّاس : [دلوكها] (٢) : زوالها وميلها. وهذا قول العامّة ، يعني وقت صلاة الظهر.
وقال بعضهم : لو كانت الصلاة من دلوكها إلى غسق الليل لكانت الصلاة من زوال الشمس إلى صلاة المغرب. وقول ابن عبّاس أعجب إلينا. وهو قول العامّة (٣). قوله :
__________________
(١) كذا في المخطوطات : «انقضى العشاء». وجاء في سع ورقة ١٢ و : «أيتظأ العشاء». وكتب على هامش الورقة : «أيتظأ أظلم» كأنّه تفسير للكلمة. ولم أجد في كتب اللغة هذا الفعل : أيتظا ، لا بمعنى أظلم ولا بمعنى آخر. ولعلّ في الكلمة تصحيفا لم أوفّق إلى وجه الخطأ فيه وتصحيحه. وإذا لم يكن ذلك فإنّ المعنى الذي يتبادر إلى الذهن ، وهو انقضاء العشاء (بفتح العين) هو الصحيح إن شاء الله ؛ لأنّ صلاة العشاء تكون عند العشاء أو بعده.
(٢) زيادة لإيضاح المعنى. وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ١ ص ٣٨٧ : «ودلوك الشمس من عند زوالها إلى أن تغيب».
(٣) أورد هذا الخبر ابن سلّام عن المسعوديّ ، ثمّ قال : «قال المسعوديّ : قال السّدّيّ ، وكان يعالج التفسير ، لو كان دلوك الشمس زوالها لكانت الصلاة فيما بين زوالها إلى أن تغيب. وكان قول ابن عبّاس أعجب إلى المسعوديّ». فأنت ترى أنّ هذا الترجيح إنّما هو للمسعوديّ رواه عنه ابن سلّام ، ولكنّ اختصار الشيخ ـ