(وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) : يعني صلاة الصبح (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) (٧٨) : أي تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار. يجتمعون عند صلاة الصبح وعند صلاة العصر.
ذكروا أنّ عبد الله بن مسعود كان يقول : عند صلاة المغرب يجتمع الحرسان من ملائكة الليل وملائكة النهار.
قوله : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ :) أي عطيّة من الله لك. وقال الكلبيّ : النافلة : الفضل. وقال بعضهم : إنّ صلاة الليل على النبيّ فريضة وهي للناس تطوّع. وقال الحسن : لم يقم النبيّ أقلّ من ثلث الليل.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا شغله شيء عن صلاة الليل صلّى من النهار اثنتي عشرة ركعة. وقال بعضهم : النافلة لا تكون إلّا للنبيّ (١).
قوله : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) (٧٩) : وعسى من الله واجبة. يقول : سيبعثك ربّك مقاما محمودا ؛ يعني : الشفاعة للخلق في الحساب بعد طول قيام وحبس على أرجلهم.
قال حذيفة بن اليمان : يبعث الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد حفاة عراة كما خلقوا ، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر حتّى يلجمهم العرق ، ولا تكلّم نفس إلّا بإذنه. قال : فأوّل من يدعى محمّد صلىاللهعليهوسلم ، فيقول : لبّيك وسعديك ، والخير في يديك ، والشرّ ليس إليك ، والمهدي من هديت ، عبدك بين يديك ، وبك وإليك ، لا ملجأ ولا منجى منك إلّا إليك ، تباركت وتعاليت ، وعلى عرشك استويت ، سبحانك ربّ البيت. ثمّ يقال له : اشفع.
__________________
ـ هود الهوّاريّ للخبر ، وحذفه للسند يجعلان المعنى عامّا. وربّما وهم القارئ فظنّ أنّ ترجيح قول ابن عبّاس هو للشيخ هود الهوّاريّ أوّلا. والحقّ أنّه موافقة له وتأييد.
(١) وقد علّل الفرّاء ذلك فقال في معاني القرآن ، ج ٢ ص ١٢٩ : «وقوله : (نافلة لّك) ليست لأحد نافلة إلّا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنّه ليس من أحد إلّا يخاف على نفسه ، والنبيّ صلىاللهعليهوسلم قد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ، فعمله نافلة».