والكافر على كفره (فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) (٨٤) : أي فهو أعلم بأنّ المؤمن أهدى سبيلا من الكافر.
قوله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ :) ذكر مجاهد أنّ ناسا من اليهود لقوا النبيّ عليه الصلاة والسّلام وهو على بغلته ، فسألوه عن الروح ، فأنزل الله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (٨٥).
وفي تفسير الكلبيّ أنّ المشركين بعثوا رسلا إلى المدينة فقالوا لهم : سلوا اليهود عن محمّد وصفوا لهم نعته وقوله ، ثمّ ائتونا فأخبرونا.
فانطلقوا حتّى قدموا المدينة فوجدوا بها علماء اليهود من كلّ أرض قد اجتمعوا فيها لعيد لهم. فسألوهم عن محمّد ووصفوا لهم نعته. فقال لهم حبر من أحبار اليهود : إنّ هذا لنعت النبيّ الذي نحدّث أنّ الله باعثه في هذه الأرض. فقالت له رسل قريش : إنّه فقير عائل يتيم لم يتّبعه من قومه من أهل الرأي أحد ولا من ذوي الأسنان. فضحك الحبر وقال : كذلك نجده. فقالت رسل قريش : إنّه يقول قولا عظيما : يدعو إلى الرحمن ويقول : إنّ الذي باليمامة الساحر الكذاب (١) ، يعنون مسيلمة. فقالت لهم اليهود : لا تكثروا علينا. اذهبوا فاسألوا صاحبكم عن خلال ثلاث ، فإنّ الذي باليمامة قد عجز عنهنّ. فأمّا اثنتان فإنّهما لا يعلمهما إلّا نبيّ ، فإن أخبركم بهما فإنّه صادق. وأمّا الثالثة فلا يجترئ عليها أحد. قالت لهم رسل قريش : أخبرونا بهنّ. فقالت لهم اليهود : سلوه عن أصحاب الكهف والرقيم ، وقصّوا عليهم قصّتهم ، واسألوه عن ذي القرنين ، وحدّثوهم بأمره. واسألوه عن الروح ، فإن أخبركم فيه بشيء فهو كاذب.
فرجعت رسل قريش إليهم فأخبروهم بذلك. فأرسلوا إلى نبيّ الله ، فلقيهم ، فقالوا له :
__________________
(١) كذا وردت العبارة : «يدعو إلى الرحمن ويقول : إنّ الذي باليمامة الساحر الكذاب» في د ، وهي الصحيحة. وفي ق وع ، وفي سع ورقة : ١٣ و ، وفي ز ورقة ١٨٨ : «يدعو إلى الرحمن الذي باليمامة الساحر الكذاب» وهو خطأ.