أخرى : (إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ) [سبأ : ٩]. وقال : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً) والكسف القطعة (مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) (٤٤) [الطور : ٤٤].
وقال الكلبيّ في قوله : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) قال : بلغنا ـ والله أعلم ـ أنّ عبد الله بن أبي أمية المخزوميّ (١) هو الذي قال ذلك حين اجتمع الرهط من قريش بفناء الكعبة ، فسألوا نبيّ الله أن يبعث لهم بعض موتاهم ، أو يسخّر لهم الريح ، أو يسيّر لهم جبال مكّة فلم يفعل شيئا ممّا أرادوا ، فقال عبد الله بن أبي أميّة عند ذلك : ما تستطيع يا محمّد أن تفعل لقومك بعض ما سألوك ، فو الذي يحلف به عبد الله بن أبي أميّة لا أؤمن لك ، أي : لا أصدّقك ، (حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) أي : عيونا (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ ...) إلى قوله (كسفا) أي : قطعا.
(أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) (٩٢) : أي عيانا ، نعاينهم معاينة (٢). وقال مجاهد : (قبيلا) أي : على حدتها ، أي : على قبيلة. وقال في آية أخرى : (أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) (٥٣) [الزخرف : ٥٣].
(أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) : والزخرف : الذهب فيما ذكروا عن ابن عبّاس (٣) (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) : أي تصعد في السماء (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ) : أي لصعودك
__________________
(١) هو ابن عمّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فإنّ أمّة عاتكة بنت عبد المطلّب بن هاشم ، وهو أيضا أخو أمّ سلمة ، زوج النبيّ صلىاللهعليهوسلم لأبيها. وقد كان عبد الله بن أبي أميّة هذا شديدا على المسلمين ، ثمّ هداه الله للإسلام فأسلم قبيل فتح مكّة على يد أخته أمّ سلمة ، وحسن إسلامه ، وشهد مع الرسول صلىاللهعليهوسلم حنينا والطائف ، ورمي بسهم يوم الطائف فقتله. انظر ترجمته في كتب التراجم مثل الاستيعاب لابن عبد البرّ ، ج ٣ ص ٨٦٨.
(٢) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ١ ص ٣٩٠ : «(والملائكة قبيلا) مجازه : مقابلة ، أي : معاينة ، وقال :
نصالحكم حتّى تبوؤوا بمثلها |
|
كصرخة حبلى بشّرتها قبيلها |
أي : قابلتها. فإذا وصفوا بتقدير فعيل من قولهم : قابلت ونحوها جعلوا لفظ صفة الاثنين والجميع من المذكّر والمؤنّث على لفظ واحد. نحو قولك : هي قبيلي ، وهما قبيلي ، وهم قبيلي ، وكذلك هنّ قبيلي».
(٣) وقال أبو عبيدة : «(بيت مّن زخرف) وهو مصدر المزخرف وهو المزيّن».