(حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) : من الله إلى عبد الله بن أبي أميّة بن المغيرة أنّي أنا أرسلت محمّدا ، وتجيء بأربعة من الملائكة يشهدون أنّ الله هو الذي كتبه ؛ ثمّ والله ما أدري بعد ذلك هل أؤمن لك ، أي : هل أصدّقك ، أم لا. فقال الله لنبيّه عليهالسلام : (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) (٩٣).
وقال مجاهد : (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) من ربّ العالمين ، كلّ رجل منّا تصبح عند رأسه صحيفة موضوعة يقرأها. وقال بعضهم : (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) خاصّة نؤمر فيه باتّباعك. قال : (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) أي : من ذهب. (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ) أيضا ، فإنّ السحرة قد تفعل ذلك فتأخذ بأعين الناس. (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) إلى كلّ إنسان منّا بعينه من الله إلى فلان بن فلان وفلان بن فلان أن آمن بمحمّد فإنّه رسولي. وأظنّه تفسير الحسن. قال : وهو كقوله : (بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) (٥٢) [المدّثّر : ٥٢] يعني كتابا من الله. (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) أي : هل كانت الرسل قبلي تأتي بهذا فيما مضى ، أي : تأتي بكتاب من الله إلى كلّ إنسان بعينه. كلّا ، لأنتم أهون على الله من أن يفعل بكم هذا. فقالوا : لن نؤمن لك ، أي : لن نصدّقك ، حتّى تأتينا بخصلة من هذه الخصال.
قوله : (وَما مَنَعَ النَّاسَ) : يعني المشركين (أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) (٩٤) : على الاستفهام. وهذا استفهام على إنكار منهم ، أي : لم يبعث الله ملكا رسولا ؛ فلو كان من الملائكة لآمنّا به. قال الله للنبيّ عليهالسلام : (قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ) : أي مقيمين قد اطمأنّت بهم الدار ، أي : هي مسكنهم (لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) (٩٥). ولكن فيها بشر فأرسلنا إليهم بشرا مثلهم.
(قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) : [إنّي رسوله] (١) (إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ
__________________
(١) زيادة من سع ، ورقة ١٣ ظ.