خَبِيراً بَصِيراً) (٩٦).
قوله : (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) : أي لا يستطيع أحد أن يضلّه (وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ) : أي يمنعونهم من عذاب الله.
قال : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) : قال بعضهم : هذا حشر إلى النار. قال الحسن : (عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) عموا في النار حين دخلوها فلم يبصروا فيها شيئا ، وهي سوداء مظلمة لا يضيء لهبها. (وبكما) أي : خرسا انقطع كلامهم حين قال : [الله لهم] (١) (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) (١٠٨) [المؤمنون : ١٠٨]. وقد فسّرناه قبل هذا الموضع (٢). (وصمّا) أي : ذهب الزفير والشهيق بسمعهم فلا يسمعون شيئا. وقال في آية أخرى : (وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ) (١٠٠) [الأنبياء : ١٠٠].
قوله : (مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) (٩٧) : وخبّوها أنّها تأكل كلّ شيء : الجلد واللحم والعظم ، والشعر والبشر والأحشاء حتّى تهجم على الفؤاد ، فلا يريد الله أن تأكل أفئدتهم ، فإذا انتهت إلى الفؤاد خبت ، أي : سكنت فلم تستعر بهم ، وتركت فؤادهم ينضج ، ثمّ يجدّد جلدهم فيعود ، فتأكلهم ، فلا يزالون كذلك. وهو قوله : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) [النساء : ٥٦]. وقال مجاهد : (كلّما خبت) أي : كلّما طفئت أسعرت.
قوله : (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) (٩٨) : على الاستفهام ، أي : إنّ هذا ليس بكائن ؛ يكذّبون بالبعث. قال الله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) : وهم يقرّون أنّه خلق السماوات والأرض. وهو قوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [الزمر : ٣٨] فخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ، والله خلقهما ؛ فهو
__________________
(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) انظر ما مضى في هذا الجزء تفسير الآية ١٠٦ من سورة هود.