قال : (إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) (٥).
قوله : (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ) : أي قاتل نفسك في تفسير العامّة (عَلى آثارِهِمْ) : أي آسفا ، أي حزنا عليهم في تفسير مجاهد. (إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ) : أي القرآن. (أَسَفاً) (٦) : قال بعضهم : غضبا. وهي مثل قوله : (فَلَمَّا آسَفُونا) [الزخرف : ٥٥] أي : أغضبونا. وقال مجاهد : (أسفا) أي : جزعا (١).
قوله : (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها) : أي لأهلها (لِنَبْلُوَهُمْ) : أي لنختبرهم (أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (٧) : أي أيّهم أطوع لله. وقد علم ما هم فاعلون. قال : (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها) : أي ما على الأرض (صَعِيداً جُرُزاً) (٨) : والجرز ههنا الخراب. وقال بعضهم : التي ليس فيها شجر ولا نبات. وقال مجاهد : بلقعا. وقال في موضع آخر : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ) أي : اليابسة التي ليس فيها نبات (فنخرج به زرعا) (فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً) [السجدة : ٢٧]. قوله : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) (٩) : أي قد كان في آياتنا ما هو أعجب منهم.
وقال مجاهد : هم عجب. [قال بعضهم] يقول : ليس هم أعجب آياتنا (٢). والكهف كهف الجبل. والرقيم الوادي الذي فيه الكهف (٣).
قوله : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا) : أي أعطنا (مِنْ لَدُنْكَ) : أي من عندك (رَحْمَةً) : أي رزقا (وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً) (١٠) : كانوا قوما قد آمنوا ففرّوا بدينهم من قومهم. وكان قومهم على الكفر ، وخشوا على أنفسهم القتل.
__________________
(١) وقال أبو عبيدة في المجاز : «(أسفا) أي : ندما وتلهّفا وأسى». انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ، ج ١ ص ٣٩٣.
(٢) جاءت العبارة مضطربة في بعض المخطوطات ، فأثبتّ التصحيح من سع ، ورقة ١٤ ظ. والقول لقتادة.
(٣) هذا وجه من وجوه تفسير الرقيم. وقيل : هو اللوح المرقوم. جاء في صحيح البخاريّ في تفسير سورة الكهف : «الرقيم الكتاب ، مرقوم مكتوب ، من الرقم». وقال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ١٣٤ : «والرقيم لوح رصاص كتبت فيه أنسابهم ودينهم وممّ هربوا».