عنهم ليعنّتوه بذلك (١).
قال : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) : يقول : إلّا أن تستثني. بلغنا أنّ اليهود لمّا سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أصحاب الكهف قال لهم رسول الله : أخبركم عنهم غدا ، ولم يستثن ، فأنزل الله هذه الآية.
قال : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) : [أي : إذا نسيت الاستثناء] (٢) (وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً) (٢٤). ومتى ما ذكر الذي حلف فليقل : إن شاء الله ، لأنّ الله أمره أن يقول : إن شاء الله.
ومن حلف على يمين فاستثنى قبل أن يتكلّم بين اليمين وبين الاستثناء بشيء فله ثنياه ، ولا كفّارة عليه. وإن كان استثنى بعدما تكلّم بعد اليمين قبل الاستثناء ، أو متى ما استثنى فالكفّارة لازمة له ، وسقط عنه المأثم حيث استثنى ، لأنّه كان قد ركب ما نهى عنه من تركه ما أمر به من الاستثناء. أي : لا يقول : إنّي أفعل حتّى يقول : إن شاء الله ، ولا يقول : لا أفعل حتّى يقول : إن شاء الله.
ذكر ابن عمر أنّه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إذا استثنى فله ثنياه (٣).
وقال بعضهم : ليس الاستثناء بشيء حتّى يجهر به كما يجهر باليمين. أي : إنّ الاستثناء
__________________
(١) في ج ود : «ليفتنوه بذلك» وفيه تصحيف ، صوابه ما أثبتّه من ق وع : «ليعنّتوه». يقال : «أعنته وتعنّته تعنّتا أي : سأله عن شيء أراد اللبس عليه والمشقّة». انظر اللسان (عنت).
(٢) زيادة من سع ورقة ١٦ ظ ، لا بدّ من إثباتها. وهذا على مذهب من رأى أنّ الذكر هنا خاصّ ، أي : إذا نسيت الاستثناء فاستثن. وهذا ما ذهب إليه جلّة من العلماء ، منهم ابن عبّاس. ذكر ذلك الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ١٣٧ فقال : «قال ابن عبّاس : إذا حلفت فنسيت أن تستثني فاستثن متى ذكرت ما لم تحنث». ومنهم من قال : إنّ الذكر هنا عامّ ؛ والمعنى : اذكر ربّك إذا نسيت ذكره ، وهو ما اختاره الطبريّ في تفسيره ، ج ١٥ ص ٢٢٩. وانظر وجوها أخرى في تأويل الآية أوردها القرطبيّ في تفسيره ، ج ١٠ ص ٣٨٥ ـ ٣٨٦.
(٣) أخرجه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور ، باب الاستثناء في اليمين (رقم ٣٢٦١) عن ابن عمر ، ولفظه : من حلف على يمين فقال : إن شاء الله فقد استثنى. وانظر ما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ٨٩ من سورة المائدة.