قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ ، أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ) أي إلى خالقكم (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ...) إلى آخر الآية. [البقرة : ٥٤].
قوله : (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً) : أي حزينا (١). وقال بعضهم : الأسف شدّة الغضب (قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (١٥٠) : قال مجاهد : مع أصحاب العجل.
(قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ) : يعي الجنّة (وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (١٥١).
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) : يعني بالذلّة الجزية. (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) (١٥٢) : أي لعبادتهم العجل. افتروا على الله إذ زعموا أنّ العجل إلههم.
قوله : (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها) : أي من بعد تلك السيّئات (وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٥٣).
قوله : (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ) : أي سكن (أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها) : يعني الكتاب الذي نسخت منه التوراة (هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) (١٥٤) : والرهب الخوف. وقال بعضهم : (وَفِي نُسْخَتِها هُدىً) قال : إنّ موسى لمّا أخذ الألواح قال : يا ربّ ، إنّي أجد في الألواح أمّة خير أمّة أخرجت للناس ، يأمرون بالمعروف ،
__________________
(١) هذا قول ابن عبّاس والسدّيّ والحسن في تفسير أسفا. كما جاء في الطبريّ ، ج ١٣ ص ١٢١ ، وفيه عن ابن عبّاس : «وقال في الزخرف [آية : ٥٥] (فَلَمَّا آسَفُونا) يقول : أغضبونا. والأسف على وجهين : الغضب والحزن». وقال الطبري قبل ذلك في ص ١٢٠ : «والأسف شدّة الغضب». وروى بسند عن أبي الدرداء قال : «قول الله : (غَضْبانَ أَسِفاً) قال : «الأسف منزلة وراء الغضب».