قوله : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ) : أي عصابة وجماعة. (يَهْدُونَ بِالْحَقِ) : أي يهتدون بالحقّ (وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (١٥٩) : به يحكمون. وقال بعضهم : يهدون بالحقّ أي : يدعون بالحقّ ، كقوله : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) [الأنبياء : ٧٣] أي يدعون بأمر الله. وقد فسّرناه في الآية الأولى. قال : فرضي موسى كلّ الرضا.
قوله : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً) : يعني بني إسرائيل. (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) : قال بعضهم : كان موسى احتمل معه من الجبل ، جبل الطور ، حجرا ؛ فإذا نزلوا ضربه موسى فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، لكلّ سبط عين مستعذب ماؤها (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) : وذلك في تيههم.
قوله : (وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) : قال بعضهم : كان المنّ ينزل عليهم من السماء في محلّتهم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وكان أشدّ بياضا من الثلج وأحلى من العسل ، والسلوى السّمّان. وهو هذا الطائر الذي يقال له السّمان ، كانت تحشرها عليهم الجنوب. وقد فسّرنا أمرهم في سورة البقرة (١). وقال الحسن : السلوى السمّان.
قوله : (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) : يعني المنّ والسلوى. وقال الحسن : هذا حين خرجوا من البحر ، أعطاهم الله ذلك لأنّهم خرجوا إلى أرض بيضاء ليس فيها نبات ولا بناء ، وليس معهم طعام ولا شراب. قال : (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (١٦٠).
قوله : (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ) : قال بعضهم : بيت المقدس (وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ
__________________
(١) انظر ما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ٥٧ من سورة البقرة.