الْمُحْسِنِينَ) (١٦١) : قد فسّرناه في سورة البقرة (١).
قال : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ) (١٦٢) : وقد فسّرناه في سورة البقرة (٢).
قوله : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ) : ذكر بعضهم قال : ذكر لنا أنّها كانت قرية على ساحل البحر يقال لها أيلة (٣). فكان إذا كان السبت أقبلت الحيتان فتنبطح على سواحلهم وأفنيتهم لما بلغها من أمن (٤) الله في الماء. فإذا كان غير يوم السبت بعدت في الماء حتّى يطلبها طالبهم. فخدعهم الشيطان فقال : إنّما نهيتم عن أكله ولم تنهوا عن صيده. فاصطادوها يوم السبت ، ثمّ أكلوها بعد ذلك.
وقال الكلبيّ : هي أيلة ، وهو مكان من البحر تجتمع فيه الحيتان في شهر من السنة كهيئة العيد ، تأتيهم منها [حتّى لا يروا الماء ، وتأتيهم في غير ذلك الشهر كلّ يوم سبت] (٥) كما تأتيهم في ذلك الشهر. قال : وذلك بلاء من الله ليعلم من يطيعه ممّن يعصيه. وذلك في زمان داود عليهالسلام.
وقال الكلبيّ : فإذا جاء السبت لم يمسّوا منها شيئا. فعمد رجال من سفهاء تلك المدينة فأخذوا الحيتان ليلة السبت ويوم السبت ، فأكثروا منها ، وملّحوا وباعوا ؛ ولم تنزل بهم عقوبة فاستبشروا وقالوا : إنّا نرى السبت قد حلّ وذهبت حرمته ؛ إنما كان يعاقب به آباؤنا في زمن موسى. ثمّ استنّ الأبناء سنّة الآباء ، وكانوا يخافون العقوبة ، ولو كانوا فعلوا لم
__________________
(١) انظر ما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ٥٨ من سورة البقرة.
(٢) انظر ما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ٥٩ من سورة البقرة.
(٣) هي مدينة مشهورة على ساحل بحر القلزم (البحر الأحمر) ، لا تزال موجودة إلى يومنا هذا ، قيل : «هي آخر الحجاز وأوّل الشام». اقرأ وصف موقعها وشيئا من تاريخها في معجم البلدان للحموي ، ج ١ ، ص ٢٩٢.
(٤) كذا في المخطوطات الأربع. وفي د وتفسير الطبري ، ج ١٣ ص ١٩٠ : «من أمر الله» ، وهو الصحيح ، والقول لقتادة.
(٥) زيادة من ز ، ورقة ١١١ ، وقد سقطت من المخطوطات الأربع ، وسياق الكلام يقتضيها.