الشَّاكِرِينَ) (١٨٩) : أي لأنعمك.
قال الله : (فَلَمَّا آتاهُما) : أي أعطاهما (صالِحاً) : أي غلاما (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) : قال لهما إبليس : سمّياه عبد الحارث ، فسمّياه عبد الحارث ؛ فكان شركا في طاعة إبليس في تسميتهما إيّاه عبد الحارث ، ولم يكن شركا في عبادة ، في تفسير بعضهم. انقضت قصّة آدم وحوّاء من هذا الموضع.
قال : (فَتَعالَى اللهُ) : أي ارتفع الله وعلا ، من قبل العلوّ (عَمَّا يُشْرِكُونَ) (١٩٠).
وقال الكلبيّ : (حملت حملا خفيفا) يعني حوّاء. (فمرّت به) أي قامت به وقعدت. ثمّ أتاها الشيطان في غير صورته فقال : يا حوّاء ، ما هذا في بطنك؟ فقالت : لا أدري. قال : لعلّه بهيمة من هذه البهائم. قالت : لا أدري. فأعرض عنها. حتّى إذا أثقلت أتاها ، فقال لها : كيف تجدين نفسك يا حوّاء؟ قالت : إنّي أخاف أن يكون في بطني الذي خوّفتني ؛ ما أستطيع القيام إذا قعدت. فقال : أفرأيت إن دعوت الله فجعله إنسانا مثلك ، أو مثل آدم ، أتسمّينه بي؟ قالت : نعم. فانصرف عنها. فقالت لآدم : إنّ الذي في بطني بهيمة من هذه البهائم ، وإنّي لأجد له ثقلا. ولقد خفت أن يكون كما قال ، [فلم يكن لآدم ولا لحوّاء همّ غيره] (١) حتّى وضعت. فذلك قوله : (دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ ـ آتَيْتَنا صالِحاً) أي : إنسانا (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ). كان هذا دعاءهما قبل أن تلد. فلمّا ولدت أتاها إبليس فقال : ألا تسمّينه بي كما وعدتني؟ قالت : وما اسمك؟ قال : اسمي عبد الحارث. فسمّته عبد الحارث ، فمات. يقول الله : (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما). ثمّ انقضت قصّة آدم وحوّاء هاهنا. ثمّ قال الله : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) يعني المشركين من بني آدم.
قوله : (أَيُشْرِكُونَ) : أي : أيشركون بالله ، على الاستفهام ، أي قد فعلوا. (ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً) : يعني الأوثان. (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) (١٩١) : كقوله : (قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ (٩٥) وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (٩٦) [الصافّات : ٩٥ ـ ٩٦] أي بأيديكم ، يعني أصنامهم. قال : (وَلا
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ١١٤. لا بدّ من إثباتها حتّى يستقيم المعنى.