قوله : (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ) : قال الحسن : يعني فاضربوا الأعناق (وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ) (١٢) : أي كلّ عضو. وقال الكلبيّ : أطراف الأيدي والأرجل. وقال بعضهم : (كُلَّ بَنانٍ) أي : كلّ مفصل.
قوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ) : قال الحسن : حادّوا الله وعادوه ورسوله. وقال بعضهم : الشقاق هو الفراق. (وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (١٣).
قال : (ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ) : أي في الدنيا ، يعني القتل (وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ) : بعد القتل (عَذابَ النَّارِ) (١٤) : أي في الآخرة.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ) (١٥) : أي : منهزمين (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ) : أي ينهزم (يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ) : أي : يوم بدر (إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ) : أي يتحرّف للقتال ، أن يدع موقف مكان لمكان. (أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ) : أي ينحاز إلى جماعة (فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) : أي استوجب غضبا من الله (وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١٦) : أي بئس مصير من صار إلى جهنّم.
قال الحسن : لم يكن الفرار من الزحف من الكبائر إلّا يوم بدر ، لأنّ تلك العصابة من المسلمين لو أصيبت لذهب الإسلام. فكان الله قد افترض في هذه الآية : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا)
[الأنفال : ٦٥] ؛ فأمر الله المسلمين أن يصبروا لعشرة أمثالهم (١) إذا لقوهم. ثمّ أنزل الله بعد ذلك التخفيف فقال : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ
__________________
ـ فيثبتون لعدوّهم». وقال : «(فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ) مجازه : على الأعناق ، يقال : ضربته فوق الرأس وضربته على الرأس».
(١) في ق وع ود : «أن تصبر العشرة مكانهم». وأثبتّ ما جاء في ز ، فهو أصحّ وأدقّ تعبيرا.