صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ) [الأنفال : ٦٦]. فلم يقبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتّى أظهر الله الإسلام وصار الجهاد تطوّعا.
فإن جاء المسلمين عدوّ لا طاقة لهم به تحيّزوا إلى البصرة ، أو قال : إلى بصرتهم. وإن جاءهم ما يغلبهم تحيّزوا إلى الكوفة ، فإن جاءهم ما يغلبهم تحيّزوا إلى الشام ، وإن جاءهم ما يغلبهم تحيّزوا إلى المدينة ، فإن جاءهم ما يغلبهم فليس ثمّ تحيّز ، وصار الجهاد فريضة.
ذكروا عن الحسن أنّه قال : إنّ عمر بن الخطّاب لمّا بلغه قتل أبي عبيدة بن الجراح وأصحابه بالقادسيّة قال : يرحم الله أبا عبيدة ؛ لو انحاز إلينا لكنّا فئته (١).
ذكروا عن الحسن قال : لو أنّ أهل سمرقند انحازوا إلينا ـ ونسأل الله العافية من ذلك ـ لكنّا فئتهم.
ذكروا أنّ أبا بكر وعمر كانا يقولان للجيوش : وإن غلبكم أمر فانحازوا إلينا ، فإنّا فئتكم.
ذكر بعضهم قال : أوجب الله لمن فرّ يوم بدر النار ، ثمّ كانت أحد بعدها فأنزل الله: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (١٥٥) [آل عمران : ١٥٥]. ثمّ كانت حنين بعدها بسبع سنين فأنزل الله : (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥) ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (٢٦) ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢٧) [التوبة : ٢٥ ـ ٢٧].
قال بعضهم : يوم الدجّال كيوم بدر. ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أفضل الشهداء
__________________
(١) كذا في المخطوطات الأربع ، وفي ز ورقة ١١٧ : «لو انحاز إليّ لكنت له فئة».