أقلّكم الشاكرون ، يعنى أقلّكم المؤمنون ، أي أقلّكم من يؤمن.
قوله : (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ) : أي الخلق الأوّل : آدم من طين ، ونسله بعده من نطفة (ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ) : أي : بعد خلق آدم ، قبل خلقكم من النطف (اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) (١١).
قال بعضهم : [(خَلَقْناكُمْ)] خلق الله آدم من طين (ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ) في بطون أمّهاتكم. وقال مجاهد : (ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ) في ظهر آدم.
وقال الكلبيّ : (خَلَقْناكُمْ) من نطفة ، ثمّ علقة ثمّ مضغة ثمّ عظما ثمّ لحما ، (ثمّ صوّرناكم) أي العينين والأنف والأذنين واليدين والرجلين صورا نحوا من هذا. ثمّ جعل حسنا وقبيحا ، وجسيما وقصيرا وأشباه ذلك. ثمّ رجع إلى قصّة آدم عليهالسلام فقال : (ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) (١١). قال بعضهم : كانت الطاعة لله والسجود لآدم.
قوله : (إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) (١١) ، وقال في آية أخرى : (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ) [الكهف : ٥٠]. ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : لو لم يكن من الملائكة لم يؤمر بالسجود. وقال بعضهم : كان من الجنّ وهم جنس من الملائكة يقال لهم الجنّ. وقال بعضهم : جنّ عن طاعة ربّه.
وقال الحسن : إنّ إبليس ليس من الملائكة وإنّه من نار السموم ، وإنّ الملائكة خلقوا من نور الله ، وإنّ الله أمر الملائكة بالسجود لآدم وأمر إبليس أيضا بالسجود له ، فجمع المأمورين جميعا.
قوله : (قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ (١) إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ
__________________
(١) جاء في ز ، ورقة ١٠٤ ما يلي : «قال محمّد : (ألّا تسجد) معناه : أن تسجد ، ولا مؤكّدة». وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن ، ج ١ ص ٢١١ : «مجازه : ما منعك أن تسجد ، والعرب تضع «لا» في موضع الإيجاب ، وهي من حروف الزوائد ...».