واستغفروا ، فلمّا لم يفعلوا [عذّبوا] (١).
يقول الله : (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٣٤) : وهم الذين لا يؤمنون.
قال الحسن : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) : أي : حتّى يخرجك من بين أظهرهم. وقد قضى الله أنّه إذا أهلك قوما نجّى المؤمنين. (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (٣٣) : أي : لا يزال منهم مستغفر يستغفر من الشرك ويدخل في الإيمان. ولا يعذّب الله قوما حتّى يبلغوا الحدّ الذي لا يؤمن منهم أحد.
وقال بعضهم : (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (٣٣) : أي : يعملون عمل الغفران. قال : (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) [زعم المشركون أنّهم أولياء المسجد الحرام فقال الله : (وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ)] (٢) (إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) أي : من كانوا وأين كانوا (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٣٤) يقول : إنّ القوم لم يكونوا يستغفرون ، أي يعملون عمل الغفران ، ولو عملوا عمل الغفران ما عذّبوا.
وكان بعض أهل العلم يقول : هما أمانان أنزلهما الله. أمّا أحدهما فمضى ، وهو نبيّ الله صلىاللهعليهوسلم. وأمّا الآخر فأبقاه الله رحمة : هذا الاستغفار.
وذكر بعض أهل العلم قال : ما من أمّة يكون فيها خمسة عشر رجلا من المسلمين يستغفرون الله إلّا رحم الله تلك الأمّة بهم. ذكروا عن رجل من المهاجرين قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : استغفروا الله وتوبوا إليه ، إنّي لأستغفر الله كلّ يوم مائة مرّة (٣).
__________________
(١) زيادة يقتضيها السياق ، فجواب لمّا غير مذكور في المخطوطات الأربع.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ١١٨.
(٣) حديث صحيح متّفق عليه. أخرجه البخاريّ في كتاب الدعوات ، باب استغفار النبيّ صلىاللهعليهوسلم في اليوم والليلة ، عن أبي هريرة ، ولفظه : «والله إنّي لأستغفر الله وأتوب في اليوم أكثر من سبعين مرّة». وأخرجه مسلم في ـ