قوله : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) : قال ابن عمر (١) : المكاء الصفير ، والتصدية التصفيق ، يقول : يفعلون ذلك مكان الصلاة. وقال مجاهد : يخلطون على النبيّ عليهالسلام بذلك صلاته. وقال بعضهم : كنّا نحدّث أنّ المكاء التصفير في الأيدي ، يعارضون به القران ؛ مثل قوله : (وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (٢٦) [سورة فصلت : ٢٦].
قال : (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) (٣٥) : يعني القتل بالسيف قبل عذاب الآخرة.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ) : لمّا هزم رسول الله أهل بدر رجعوا إلى مكّة ، فأخذوا ما جاءت به العير من الشام ، فتجهّزوا به لقتال النبيّ ، واستنصروا بقبائل من قبائل العرب ؛ فأوحى الله إلى النبيّ عليهالسلام ، وهو بالمدينة : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ...) إلى قوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) (٣٦) فبيّن الله لنبيّه أنّهم سيغلبون من قبل أن يقاتلوا. قوله : (فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً) أي : النفقة يعذّبون عليها كما يعذّبون على كفرهم.
وقال بعضهم : لمّا قدم أبو سفيان بالعير إلى مكّة ندب الناس ودعاهم إلى القتال حتّى غزا نبيّ الله يوم أحد في شوّال ، يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت من شوّال في العام المقبل الذي يلي بدرا.
وقال مجاهد في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ
__________________
ـ كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ، باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه ، (رقم ٢٧٠٢) عن الأغر المزنيّ ، ولفظه : «إنّه ليغان على قلبي ، وإنّي لأستغفر الله في اليوم مائة مرّة» ، وعنه أيضا بلفظ : «يا أيّها الناس ، توبوا إلى الله فإنّي أتوب في اليوم إليه مائة مرّة».
(١) كذا في المخطوطات الأربع ، «قال ابن عمر». وفي ز ، ورقة ١١٨ : «قال الحسن».