فَسَيُنْفِقُونَها) قال : هذا في نفقة أبي سفيان على الكفّار يوم أحد.
قوله : (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) : أي ليميز نفقة المؤمنين من نفقة الكفّار. (وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ) : أي نفقاتهم التي أنفقوها في حرب النبيّ من كسبهم الخبيث. (فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً) : أي بعضه على بعض (فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ) : أي معهم (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٣٧) : قال الحسن : هي كقوله : (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ) [التوبة : ٣٥].
قوله : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا) : لقتال محمّد (فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) (٣٨) : أي بالقتال ، والاستئصال. وقال مجاهد : في قريش يوم بدر ، وفي غيرهم من الأمم [قبل ذلك] (١).
قوله : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) : أي : حتّى لا يكون شرك. وهذه في مشركي قريش خاصّة ؛ وأمّا من سواهم من المشركين فإذا أدّوا الجزية قبلت منهم ولم يقتلوا إذا أقرّوا بالجزية ، إلّا من كان دخل من العرب في دين أهل الكتاب ، فإنّ عمر لم يقتلهم ، وقبل منهم الضّعف ممّا يؤخذ من المسلمين من مواشيهم ؛ وهو قول العامّة (٢). وكان عليّ يرى قتلهم (٣). قوله : (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) : يعني الإسلام. ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا لا إله إلّا الله ، فإذا قالوها عصموا بها دماءهم وأموالهم إلّا بحقّها وحسابهم على الله (٤).
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ١١٩.
(٢) انظر ما رواه في الموضوع أبو يوسف صاحب أبي حنيفة في كتاب الخراج ، ص ٢٤٩ ـ ٢٥١.
(٣) روى أبو عبيد القاسم بن سلّام في كتاب الأموال ، ص ٣٧ عن زرعة بن النعمان أو النعمان بن زرعة قال : «فصالحهم [أي نصارى بني تغلب] عمر بن الخطّاب على أن أضعف عليهم الصدقة ، واشترط عليهم أن لا ينصّروا أولادهم. قال مغيرة : فحدّثت أنّ عليّا قال : لئن تفرّغت لبني تغلب ليكوننّ لي فيهم رأي : لأقتلنّ مقاتلتهم ، ولأسبينّ ذراريهم ، فقد نقضوا العهد ، وبرئت منهم الذمّة حين نصّروا أولادهم».
(٤) حديث صحيح أخرجه البخاريّ عن ابن عمر مرفوعا في كتاب الإيمان ، باب فإن تابوا وأقاموا الصّلاة ـ