قال الله : (لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً) (٢١) : أي وعصوا عصيانا كبيرا.
قال : (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ) وهذا عند الموت (لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ) : أي للمشركين ، وهذا جرم الشرك ، أي : لا بشرى لهم يومئذ بالجنّة. وذلك أنّ المؤمنين تبشّرهم الملائكة عند الموت بالجنّة. قال الله : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) عند الموت (أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (٣٠) [فصلت : ٣٠]. وتفسير مجاهد : (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ) يوم القيامة.
قال : (وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً) (٢٢) : أي وتقول الملائكة : حرام محرّم أن تكون لهم الجنّة. وقال مجاهد : (وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً) [يعني عوذا معاذا] (١) أي : معاذ الله أن تكون لهم البشرى بالجنّة.
قوله : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ) : أي وعمدنا. وفي تفسير مجاهد : (إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ) أي : حسن ، يعني المشركين (فَجَعَلْناهُ) : أي في الآخرة (هَباءً مَنْثُوراً) (٢٣) : وهو الذي يتناثر من الغبار الذي يكون من أثر حوافر الدوابّ إذا سارت. وفي الآية : (هَباءً مُنْبَثًّا) (٦) [الواقعة : ٦] وهو الذي يدخل من الكوّة من ضوء الشمس. وتفسير مجاهد : (هَباءً مَنْثُوراً) هو عنده هذا.
قوله : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا) : أي من مستقرّ المشركين (وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) (٢٤) : أي مأوى ومنزلا.
ذكر بعضهم قال : يجاء يوم القيامة برجلين كان أحدهما ملكا في الدنيا إلى الحمرة والبياض (٢) فيحاسب فإذا هو عبد لم يعمل خيرا ، فيؤمر به إلى النار ، والآخر كان مسكينا في الدنيا ، أو كما قال ، فيحاسب ، فيقول : يا ربّ ، ما أعطيتني من شيء فتحاسبني به ، فيقول : صدق عبدي فأرسلوه ، فيؤمر به إلى الجنّة. ثمّ يتركان ما شاء الله ، ثمّ يدعى صاحب النار ، فإذا هو الحممة السوداء ، فيقال
__________________
(١) وردت الجملة فاسدة في ع وب ، فأثبتّها كما جاءت في تفسير مجاهد ص ٤٤٩.
(٢) في ع : «ملك في الدنيا» وأثبتّ ما في سع. وكأنّ قوله : «إلى الحمرة والبياض» يعني به أثر النعيم الذي كان يرى عليه في الدنيا.