ذكروا عن محارب بن دثار (١) قال : قال لي ابن عمر : كيف كان تفسير ابن عباس في هذه الآية : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ)؟ فقلت : كان يقول : إن ذكر الله العبد عند المعصية فيكفّ أكبر من ذكره إيّاه باللسان. فقال ابن عمر : إنّ العبد إذا ذكر الله ذكره الله ، فذكر الله العبد أكبر من ذكر العبد إيّاه.
قال الحسن : الذكر ذكران ، أحدهما أفضل من الآخر : ذكر الله باللسان حسن ، وأفضل منه ذكرك الله عند ما نهاك (٢) الله عنه. والصبر صبران : أحدهما أفضل من الآخر ؛ الصبر عند المصيبة حسن ، وأفضل منه الصبر عمّا نهاك الله (٣).
قال : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) (٤٥).
قوله : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) : قال بعضهم : أي بكتاب الله. وقال : نهى الله عن مجادلتهم في هذه السورة ولم يكن يومئذ أمر بقتالهم ، ونسخ ذلك فأمر بقتالهم ، ولا مجادلة هي أشدّ من السيف ، فقال في سورة براءة : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) (٢٩) [التوبة : ٢٩]. أمر بقتالهم حتّى يسلموا أو يقرّوا بالجزية.
قوله : (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) : قال بعضهم : من قاتلك ولم يعطك الجزية فقاتله إذا ، يعني إذ أمر بجهادهم ، وإنّما أمر بجهادهم بالمدينة ، وهذه الآية مكّيّة (٤) ، وقال مجاهد : من أقام على شركه منهم ولم يؤمن.
__________________
(١) في ب وع : «محارب بن دينار» وهو خطأ صوابه ما أثبتّه : «بن دثار» فقد أورد اسمه ابن قتيبة في المعارف ، ص ٤٩٠. وهو «أبو مطرّف محارب بن دثار ، من بني سدوس بن شيبان. ولي قضاء الكوفة لخالد بن عبد الله القسريّ ، وتوفّي في ولاية خالد بالكوفة». وذكره ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب ، ج ١ ص ١٥٢ في أحداث سنة ستّ وعشرة ومائة. وانظر في سع وسح هذا القول مفصّلا.
(٢) كذا في ع وب وفي سح ، «عندما نهاك الله عنه» ، وفي سع : «عمّا نهاك الله عنه».
(٣) أورد ابن سلّام في سح ورقة ٧٤ حديثين عن الحسن عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم يحسن إيرادهما ، قال عليهالسلام : «كلّ صلاة لا تنهى عن الفحشاء والمنكر فإنّ صاحبها لا يزداد من الله إلّا بعدا». وقال عليهالسلام : «من صلّى صلاة لم تنهه عن الفحشاء والمنكر فإنّها لا تزيده عند الله إلّا مقتا».
(٤) وفي ز ، ورقة ٢٦٠ زيادة لم ترد في ب وع ولا في سح وسع : «وهذا ممّا نزل بمكّة ليعملوا به في المدينة».