ثمّ قال : (قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً) : : أنّي رسوله ، وأنّ هذا الكتاب من عنده ، وأنّكم على الكفر.
قال : (يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ) : [أي : بإبليس] (١) (وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٥٢) : أي في الآخرة ، أي : خسروا أنفسهم أن يغنموها فصاروا في النار.
قوله : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ) : كان النبيّ عليهالسلام يخوّفهم العذاب إن لم يؤمنوا ، فكانوا يستعجلون به استهزاء وتكذيبا. قال الله : (وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى) (٢) أي : النفخة الأولى (لَجاءَهُمُ الْعَذابُ) أي : إنّ الله أخّر عذاب كفّار آخر هذه الأمّة بالاستئصال ، الدائنين بدين أبي جهل بن هشام وأصحابه ، إلى النفخة الأولى ، بها يكون هلاكهم.
قال الله : (وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (٥٣).
ذكروا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعان ، فما يطويانه حتّى تقوم الساعة ، وتقوم الساعة والرجل يخفض ميزانه ويرفعه ، وتقوم الساعة والرجل يليط حوضه ليسقي ماشيته فما يسقيها حتّى تقوم الساعة» (٣).
قوله : (يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) (٥٤) : كقوله : (أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) [الكهف : ٢٩] ، قال الله : (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) : وهذا عذاب جهنّم. كقوله : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) [الأعراف : ٤١] أي : يغشاهم. وكقوله : (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ)
__________________
(١) زيادة من سح ورقة ٧٦ ، ومن ز ورقة ٢٦٠.
(٢) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٣١٨ : «وقوله : (وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى) يقول : لو لا أنّ الله جعل عذاب هذه الأمّة مؤخّرا إلى يوم القيامة ـ وهو الأجل ـ (لَجاءَهُمُ الْعَذابُ) ثمّ قال : (وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً) يعني القيامة ، فذكر لأنّه يريد عذاب القيامة. وإن شئت ذكرته على تذكير الأجل. ولو كانت (ولتأتينّهم) كان صوابا ، يريد القيامة والساعة».
(٣) انظر تخريجه فيما سلف ، ج ٢ ، تفسير الآية ١٨٧ من سورة الأعراف. يقال : لاط الحوض يلوطه ، ولاطه يليطه إذا طيّنه وملّسه وأصلحه.