زوّجنيها (١). فانطلق زيد فاستفتح الباب ، فقيل : من هذا؟ قال : زيد. فقالت : وما حاجة زيد إليّ وقد طلّقني. فقال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أرسلني. فقالت : مرحبا برسول رسول الله ، ففتح له ، فدخل عليها وهي تبكي. فقال زيد : لا تبكي ، لا يبك الله عينيك ، قد كنت نعمت المرأة ، أو قال : نعمت الزوجة ، إن كنت لتبرّين قسمي ، وتطيعين أمري ، وتبتغين مسرّتي ، فقد أبدلك الله خيرا منّي. فقالت : من؟ لا أبا لك. فقال : رسول اللهصلىاللهعليهوسلم. فخرّت ساجدة.
قوله : (وَتَخْشَى النَّاسَ) أي : وتخشى عيب الناس ، أي : يعيبوا ما صنعت.
قوله : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً) : والوطر : الحاجة (زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ) : أي إثم (فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً). فقال المشركون للنبيّ : يا محمّد ، زعمت أنّ حليلة الابن لا تحلّ للأب ، وقد تزوّجت حليلة ابنك زيد! فقال الله : (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ) أي : إثم (فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ) أي : إنّ زيدا كان دعيّا ، ولم يكن بابن محمّد. قال الله : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) [الأحزاب : ٤٠]. قال : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (٣٧).
قوله : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ) : أي من إثم (فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) : أي فيما أحلّ الله له. قال بعضهم : هي زينب. وقال الحسن : هي التي وهبت نفسها إذ زوّجه الله إيّاها بغير صداق ، ولكنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قد تطوّع عليها فأعطاها الصداق (٢). قال : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) : أي مضوا من قبل. أي : إنّه ليس على الأنبياء من حرج فيما أحلّ الله لهم ، وقد أحلّ لداود مائة امرأة ، ولسليمان ثلاثمائة امرأة وسبعمائة سرّية. قال : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) (٣٨).
قال : (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) (٣٩) : أي حفيظا لأعمالهم.
قوله : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) : يقول : إنّ محمّدا لم يكن بأبي زيد ، ولكن
__________________
(١) اقرأ قصّة تزويج الله رسوله صلىاللهعليهوسلم زينب مفصّلة في كتب التفسير والحديث والسيرة ، ففيها ، على اختلاف أسانيدها وألفاظها ، عبر وذكرى لمن اعتبر ، انظر مثلا : الدر المنثور ، ج ٥ ص ٢٠١ ـ ٢٠٣.
(٢) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٣٤٤ في تفسير الآية : «من هذا ومن تسع النسوة ، ولم تحلّ لغيره».