قال بعضهم : من لجأ إلى حرم الله ليعبد فيه غير الله عذّبه الله. تفسير الكلبيّ : الإلحاد : الميل عن عبادة الله إلى الشرك (١).
قوله : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) : ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : موضع البيت [ربوة بيضاء حولها] (٢) حجارة موسومة حولها حرجة (٣) من سمر نابت. فهو قوله : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ) أي : أعلمناه (مكان البيت).
قوله : (أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) : أي من عبادة الأوثان وقول الزور والمعاصي. ذكروا أنّ عائشة قالت : كسوة البيت على الأمراء ، ولكن طيّبوا البيت فإنّ ذلك من تطهيره.
قوله : (لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (٢٦) : (لِلطَّائِفِينَ) يعني أهل الطواف ، (وَالْقائِمِينَ) يعني أهل مكّة ، (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) يعني أهل الصلاة يصلّون إليه.
وقوله : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ) (٤) ذكروا أنّ إبراهيم نادى : يا أيّها الناس ، إنّ لله بيتا فحجّوه ، فأسمع ما بين الخافقين أو المشرقين ، فأقبل الناس يقولون : لبّيك لبّيك ؛ وبلغنا أنّه أجابه يومئذ من كان حاجّا إلى يوم القيامة.
ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : قام إبراهيم عند البيت فأذّن في الناس بالحجّ ، فسمعه أهل المشرق والمغرب.
وذكروا عن ابن عبّاس قال : إنّ إبراهيم وإسماعيل بنيا البيت. فلمّا أقبل أذّن في الناس بالحجّ ، فجعل لا يمرّ بأحد إلّا قال : يا أيّها الناس بني لكم بيت فحجّوه ، فجعل لا يسمعه حجر ولا
__________________
(١) وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٤٨ : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ) مجازه ومن يرد فيه إلحادا. والباء من حروف الزوائد ، وهو الزيغ والجور والعدل عن الحقّ ...».
(٢) زيادة من سع ، ورقة ٣٩ ظ.
(٣) حرجة ، بفتح الراء والجيم : موضع شجر ملتفّ كالغيضة. وقيل : هو مجتمع الشجر من السّمر والطّلح والسّلم والسّدر وغير ذلك من الشجر.
(٤) الحج ، بفتح الحاء وكسرها لغتان فصيحتان قرأ بهما القّراء. قال ابن خالويه في الحجّة ص ٨٨ : «الحجّة لمن كسر أنّه أراد الاسم ، والحجّة لمن فتح أنّه أراد المصدر ، ومعناهما في اللغة القصد».