جَمِيعاً) لا لغيره ، فهو القادر على الإتيان بمقترحهم ، لكن صرفه علمه بأن إظهاره مفسدة (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) أفلم يعلموا ، سمّي العلم يأسا لأنه سبب اليأس ، إذ من علم شيئا يئس من خلافه ، ويعضده قراءة «علي» وأهل بيته عليهمالسلام وابن عباس وجماعة : «أفلم يتبين» (١).
وقيل : معناه أفلم يقنطوا من إيمان هؤلاء الكفرة لعلمهم (أَنَ) مخففة أي أنه (لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) إلى الجنة لكنه كلّفهم لينالوها باستحقاق.
أو : لو يشاء ألجأهم لألجأهم ، لكنه ينافي الغرض من التكليف ، وجملة «أن لو يشاء» متعلق ب «ييأس» إن فسر ب «يعلم» وإلّا فبمحذوف (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا) من الكفر (قارِعَةٌ) داهية تقرعهم من الجدب والقتل والأسر (أَوْ تَحُلُ) القارعة (قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ) فيحاذونها أو تحل أنت يا محمّد بجيشك قريبا من دارهم مكة (حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ) القيامة ، أو فتح مكة (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ).
[٣٢] ـ (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ) تسلية له صلىاللهعليهوآلهوسلم (فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) مهلتهم ملاوة أي : مدة.
والملوان : الليل والنهار (ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ) أهلكتهم (فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) عقابي لهم ، فكذلك أخذ من استهزأ بك.
[٣٣] ـ (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ) حفيظ (عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) من خير وشرّ وهو الله تعالى ، والخبر محذوف ، أي : كمن ليس كذلك من الأصنام (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) استئناف أو عطف على الخبر ، ان قدّر بما يمكن عطفه عليه مثل «لم يوحّدوه» و «جعلوا له شركاء» ، على وضع الظاهر موضع الضمير تقريرا للإلهية (قُلْ سَمُّوهُمْ) له من هم؟ ، أي ليس لهم اسم يستحقون به الإلهية ، وهذا استحقار
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ٣ : ٢٩٢.