[٥٩] ـ (يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ) يختفي من قومه مخافة العار (مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ) عنده (١) مفكرا ماذا يصنع به؟ (أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ) أي أيتركه على هوان وذل (أَمْ يَدُسُّهُ) يخفيه بدفنه (فِي التُّرابِ) حيا وهو الوأد. وذكّر الضمير للفظ «ما» (أَلا ساءَ) بئس (ما يَحْكُمُونَ) حكمهم هذا ، حيث جعلوا ما هذا محله عندهم للمنزّه عن الولد.
[٦٠] ـ (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ) الصفة السّوء ، أو : هي الحاجة الى الأولاد أو هي وأد البنات خوف الفقر (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) الصفة العليا وهي التفرّد بالإلهية والغنى والجود (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) البالغ القدرة والحكمة.
[٦١] ـ (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ) بعصيانهم (ما تَرَكَ عَلَيْها) على الأرض. أضمرت بدون ذكر لدلالة الناس والدابة عليها (مِنْ دَابَّةٍ) تدب عليها فيهلك الظلمة عقوبة لهم ، وغيرهم بشؤمهم.
أو : لو أهلك الآباء بظلمهم لبطل نسلهم ولهلكت الدواب المخلوقة لهم ، أو من دابة ظالمة (وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) هو منتهى أعمارهم أو القيامة ليتوالدوا (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ) عنه (ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) عليه فيؤاخذون حينئذ.
[٦٢] ـ (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ) لأنفسهم من البنات والشركاء في الرياسة وإهانة الرسل وردي المال (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ) تقوله مع ذلك وهو (أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى) عند الله أي الجنة إن صحّ البعث (لا جَرَمَ) حقا (أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) لا الحسنى (وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) مقدّمون الى النار ، من أفرطته في طلب الماء ، أي :
__________________
(١) كذا في النسخ ولعل الصحيح : عرفا ـ كما في تفسير البيضاوي ٣ : ١٠١ ، وتفسير روح المعاني ١٤ : ١٥٣.