(وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) تمييز محوّل عن الفاعل ، شبّه الشّيب في بياضه بالنّار وانتشاره في الشّعر باشتعالها فأبرزه بصورة الاستعارة (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ) بدعائي ايّاك فيما مضى (رَبِّ شَقِيًّا) خائبا ، بل عودتني الإجابة ، فلا تخيّبنى بدعائك فيما يأتى.
[٥] ـ (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ) الّذين يلوني في النّسب وهم بنو عمّه (مِنْ وَرائِي) بعد موتي أن يرثوا مالي فيصرفوه فيما لا ينبغي ، إذ كانوا أشرارا ، وهو متعلّق بمقدّر حالا مقدّرة ، أو بالموالي أي الّذين يلون الأمر بعدي ، وفتح «ابن كثير» الياء (١) (وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً) لا تلد (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) ابنا.
[٦] ـ (يَرِثُنِي) صفته ، وجزمه «أبو عمرو» و «الكسائي» جوابا للدّعاء (٢) (وَيَرِثُ) بالقرائتين (مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) بن ماثان ، عمّ «مريم» بنت عمران من ولد سليمان أو يعقوب بن إسحاق (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) مرضيّا عندك.
وهذا ينفي حمل الوراثة على وراثة النّبوّة لشمولها الرّضا فما فوقه ، فيلغوا طلبه معها فأجاب تعالى دعاءه وقال :
[٧] ـ (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى) أعجمىّ أو منقول من فعل (٣) ك «يعيش» (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) لم نسمّ أحدا قبله (٤) ب «يحيى» ، شرّفه تعالى بأن تولّى تسميته وخصّه باسم لم يسبق إليه.
وقيل : سميّا مثل ك (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) (٥).
[٨] ـ (قالَ) تعجّبا من خرق العادة ـ لا من القدرة ـ : (رَبِّ أَنَّى) كيف (يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) يبسا ، وجفافا وأصله
__________________
(١) حجة القراآت : ٤٣٨.
(٢) حجة القراآت : ٤٣٨.
(٣) في «ب» : عن فعل.
(٤) في «ج» : لم يسمى أحد قبل.
(٥) في الآية (٦٥) من هذه السورة.