ذبابة (وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) «ولو» للمبالغة وجوابها مقدّر ، أي : ولو اجتمعوا لخلقه لن يخلقوا ـ أيضا ـ (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً) ممّا عليهم من طيب وزعفران ، إذ كانوا يطلونهم به ، فيأتى الذّباب فيأكله (لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ) لعجزهم ، فإذا عجزت عن خلق هذا الضّعيف بل عن مقاومته واستخلاص ما يسلبها منه كيف تشارك الخالق المتفرد بالقدرة على كلّ شيء في الإلهيّة؟ فهذا أمر مستغرب ومنه يتعجّب (ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) العابد والمعبود ، أو الذّباب والصّنم أو عكسه.
[٧٤] ـ (ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) ما عرفوه حقّ معرفته إذا شركوا به ما يعجز عن ذبّ الذّباب عن نفسه (إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌ) قادر (عَزِيزٌ) غالب ، فكيف يشاركه العاجز المغلوب لأضعف خلقه.
[٧٥] ـ (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) الى أنبيائه بالوحي (وَمِنَ النَّاسِ) رسلا الى سائرهم يبلّغونهم ما اوحي إليهم ، وهذا ردّ لمعتقدهم في الرّسالة من انّ الرّسول لا يكون بشرا بعد ردّ عقيدتهم في الإلهيّة ، وعلى من جعل الملائكة أو الأنبياء اولادا (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) للأقوال (بَصِيرٌ) بالمصالح والأحوال.
[٧٦] ـ (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) ما مضى وما غبر (١) من أحوالهم (وَإِلَى اللهِ) الى علمه أو تدبيره (تُرْجَعُ الْأُمُورُ) كلّها.
[٧٧] ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) أي صلّوا (وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ) بكلّ ما تعبّدكم به ، (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) كصلة الرّحم ومكارم الأخلاق (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي : راجين للفوز بنعيم الجنّة ، غير قاطعين به ، متّكلين على أعمالكم.
[٧٨] ـ (وَجاهِدُوا فِي اللهِ) لوجهه بخلاف النفس والهوى في طاعته وبقتال الكفرة لإقامة دينه (حَقَّ جِهادِهِ) أي جهادا حقّ الجهاد فيه بأن تخلصوه لوجهه أو تستفرغوا وسعكم فيه (هُوَ اجْتَباكُمْ) اختاركم لدينه (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) أي ضيق لا مخرج عنه ، بل جعل التوبة والكفارات وردّ المظالم والرّخص
__________________
(١) الغبر : البقاء ويستعمل بمعنى المضيّ ايضا فيكون من الأضداد.