[٤٦] ـ (ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا) أي أزلنا الظّلّ الممدود (قَبْضاً يَسِيراً) قليلا ، قليلا ، بحسب ارتفاع الشّمس لمنافع جمّة ، وحرفا «ثمّ» للتّفاضل بين الأمور ، كأنّ اللّاحق أعظم ممّا قبله.
وقيل ، مدّ ظلّ السّماء على الأرض حين خلقهما ، ولو شاء لجعله ثابتا على تلك الحال ثم خلق الشمس وجعلها دليلا مسلّطا عليه يتبعها كما يتبع السّائر الدّليل يتفاوت بحركتها ثم قبضه تدريجا الى غاية نقصانه ، أو قبضا سهلا عند قيام الساعة بقبض أسبابه (١).
[٤٧] ـ (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً) ساترا بظلامه كالّلباس (وَالنَّوْمَ سُباتاً) راحة للأبدان بقطع الأعمال.
والسبت : القطع ، أو موتا لأنّه قطع الحياة (وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) منتشرا فيه للمعاش وغيره ، أو بعثا من النّوم إذ هو واليقظة كالموت والبعث.
[٤٨] ـ (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ) ووحّدها «ابن كثير» (٢) (بُشْراً) (٣) منتشرة ، جمع نشور كرسول وسكّنه «ابن عامر» تخفيفا وكذا «حمزة» و «الكسائي» وفتحا نونه مصدرا و «عاصم» بالباء مخفّفا جمع بشير أي مبشّرات (٤) (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) قدّام المطر (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) مطهّرا لقوله : (لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) (٥) وهو اسم لما يتطهّر به كالوقود لما يوقد به ، أو بليغا في الطّهارة ، والمبالغة لأنّه مطهّر.
[٤٩] ـ (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) بالنّبات وذكّر «ميتا» بتأويل البلد (وَنُسْقِيَهُ)
__________________
(١) تفسير الكشّاف ٣ : ٢٨٣.
(٢) حجة القراآت : ٥١١.
(٣) في المصحف الشريف بقراءة حفص «بشرا» ـ كما سيشير اليه المؤلّف ـ.
(٤) حجة القراآت : ٢٨٥ مع اختلاف.
(٥) سورة الأنفال : ٨ / ١١.