الطّرف : تحريك الأجفان للنظر ، فوضع موضعه (١) ولمّا كان النّاظر يوصف بإرساله وصف بردّه والطّرف بالارتداد ، والمعنى أنّك ترسل طرفك الى شيء فقبل ان تردّه احضر عرشها عندك ، وهو مثل في السّرعة ، قال له : انظر فنظر يمينا (٢) ودعا آصف فغار العرش في مكانه فنبع عنده (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا) ساكنا (عِنْدَهُ قالَ) ـ شكرا ـ : (هذا) أي تيسير احضاره في اقصر مدة من مسيرة شهرين معجزة لي (مِنْ فَضْلِ رَبِّي) عليّ (لِيَبْلُوَنِي) ليختبرني ، وفتح «نافع» «الياء» (٣) (أَأَشْكُرُ) باعترافي بنعمته وأداء حقّها (أَمْ أَكْفُرُ) بها (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) لاستدامته لها به النّعمة واستزادتها وحطّه عنها عبء الواجب (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌ) عن شكره وغيره (كَرِيمٌ) يعطيه مع كفره.
[٤١] ـ (قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها) بتغيير هيئته اختبارا لعقلها إذ رميت بسخفه (نَنْظُرْ) جواب «نكّروا» (أَتَهْتَدِي) لمعرفته أو للجواب الصّائب أو للإيمان إذا رأت سبقه وقد خلقته مستحفظة عليه (أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ) أبلغ من «أم لا تهتدى».
[٤٢] ـ (فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ) تشبيها عليها (قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ) عرفت لكن لوفور عقلها لم تقل هو هو ، لجواز كونه مثله (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ) قاله «سليمان» عطفا على مقدّر كأنّه قيل عند جوابها هي عاقلة وقد عرفت قدرة الله تعالى وآمنت به وبنبيّه ، أي : وأوتينا العلم بالله وقدرته قبلها وكنّا مخلصين له.
أو من كلامها أي وأوتينا العلم بقدرة الله وصحّة نبوّة «سليمان» من قبل هذه المعجزة أو الحالة بما سبق من المعجزات.
__________________
(١) اي وضع الطرف موضع الأجفان.
(٢) في «ج» يمينا وشمالا.
(٣) الكشف عن وجوه القراآت ٢ : ١٧٠.