والمحافظات على أحكامها في المعاملات (وَالْإِنْجِيلَ) بتحقق عنوان الباطن ، والقيام بحقوق تجليات الصفات ، والمحافظة على أحكامها (وَ) احكموا (ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ) من علم المبدأ والمعاد وتوحيد الملك والملكوت من عالم الربوبية الذي هو عالم الأسماء (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ) أي : لرزقوا من العالم العلويّ الروحاني العلوم الإلهية والحقائق العقلية اليقينية ، والمعارف الحقانيّة التي بها اهتدوا إلى معرفة الله ومعرفة الملكوت والجبروت (وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) أي : من العالم السفليّ الجسماني العلوم الطبيعية والمدركات الحسيّة التي اهتدوا بها إلى معرفة عالم الملك ، فعرفوا الله باسمه الظاهر والباطن ، بل بجميع الأسماء والصفات ووصلوا إلى مقام التوحيدين المذكورين (مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ) عادلة واصلة إلى توحيد الأسماء والصفات (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ) لم يصلوا إلى توحيد الأفعال بعد فضلا عن توحيد الصفات ، فساء عملهم لأنه من صفات نفوسهم فهو حجابهم الأكثف.
(وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً) على حسب مراتبهم فلما كانوا محجوبين من جميع الوجوه أرسلنا موسى لرفع حجاب الأفعال والدعوة إلى توحيد الملك ، فما هوته أنفسهم لأن دعوته كانت مخالفة لهواها لضراوتها بأفعالها وتبجعها بها وبلذاتها وشهواتها فكذبوه وعبدوا عجل النفس واعتدوا في السبت وفعلوا ما فعلوا حتى إذا آمن به من آمن وبرز من حجاب الأفعال حسب أنه الكمال المطلق ، فأرسلنا عيسى برفع حجاب الصفات والدعوة إلى الباطن ، وتوحيد الملكوت فما هوته أنفسهم لمخالفة دعوته هواها من حسبان الكمال ، فكذّبوه وفعلوا ما فعلوا حتى إذا آمن به من آمن وبرز عن حجاب الصفات بقي على حاله ، حاسبا لنفسه الكمال المطلق فأرسلنا محمدا برفع حجاب الصفات والدعوة إلى توحيد الذات فما هوته أنفسهم فكذبوه.
[٧١ ، ٧٢] (وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٧١) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٧٢))
(وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ) شرك عند توحيد الأفعال وظهور الدعوة العيسوية (فَعَمُوا) عن تجليات رؤية الصفات (وَصَمُّوا) عن سماع علمها (ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ) بفتح أسماع قلوبهم وأبصارها ، فتابوا ، فقبل توبتهم (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا) عند الدعوة المحمدية عن مشاهدة الوجه الباقي وسماع علم توحيد الجمع المطلق (وَاللهُ بَصِيرٌ) بعملهم في المقامات الثلاث وردّ الدعوات وإنكار الأنبياء فيجازيهم على حسب حالهم (اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) أي :