مسكينة أو إمساك عن أفعال تلك القوة بقدر ذلك الحظ كيما يزول عنها الميل (لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) بالحجب والحرمان (وَاللهُ عَزِيزٌ) لا يمكن الوصول إلى جنات عزّه مع كدورات صفات النفس (ذُو انْتِقامٍ) يحجب بهيئة مظلمة وظهور صفة ووجود بقية ، كما قال تعالى لنبيّه محمد عليه الصلاة والسلام : «أنذر الصديقين بأني غيور».
[٩٦] (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩٦))
(أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ) بحر العالم الروحاني من المعارف والمعقولات والحظوظ العلمية في إحرام الحضرة الإلهية (وَطَعامُهُ) من العلم النافع الذي هو حق واجب تعلمه في المعاملات والأخلاق تمتيعا (لَكُمْ) أيها السالكون لطريق الحق (وَلِلسَّيَّارَةِ) المسافرين لسفر الآخرة ، المحرزين لأرباح النعيم الباقي (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ) بر العالم الجسماني من المحسوسات والحظوظ النفسانية. واجعلوا الله وقاية لكم في سيركم لتسيروا به واجعلوا نفوسكم وقاية الله في صدور الشرور المانعة منها وتيقنوا أنكم (إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) بالفناء في الذات ، فاجتهدوا في السلوك ولا تقفوا مع الموانع وراء الحجاب.
[٩٧] (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٩٧))
(جَعَلَ اللهُ) كعبة حضرة الجمع (الْبَيْتَ) المحرّم من دخول الغير فيه كما قيل : جلّ جناب الحق من أن يكون شريعة لكل وارد. (قِياماً لِلنَّاسِ) من موتهم الحقيقي وانتعاشا لهم به وبحياته وقدرته وسائر صفاته (وَالشَّهْرَ الْحَرامَ) أي : زمان الوصول ، وهو زمان الحج الحقيقي الذي يحرم ظهور صفات النفس فيه (وَالْهَدْيَ) أي : النفس المذبوحة بفناء تلك الكعبة (وَالْقَلائِدَ) وخصوصا النفس القوية ، الشريفة ، المطيعة ، المنقادة ، فإنّ التقرّب بها أفضل وشأنها عند البقاء والقيام بالوجود الثاني والحياة الحقيقية أرفع (ذلِكَ) أي : جعل تلك الحضرة قياما لكم (لِتَعْلَمُوا) بعلمه عند القيام به (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ) حقائق الأشياء في عالم الغيب والشهادة وعلمه محيط بكل شيء ، إذ لا يمكن إحاطة علمكم بعلمه.
[٩٨] (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٨))
(اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) بالحجب لمن ظهر بصفة أو بقية حال الوصول أو ضرب بخطإ واشتغل بغير حال السلوك وانتهك حرمة من حرماته (غَفُورٌ) للتلوينات والفترات (رَحِيمٌ) بهيئة الكمالات والسعادات التي لا يعلم قدرها إلا هو.