أعمالا تخرجهم عن حجب الأفعال وتصلحهم لرؤية أفعال الحق ، حرج وضيق فيما تمتعوا به من أنواع الحظوظ إذا ما اجتنبوا بقايا أفعالهم واتّخذوا الله وقاية في صدور الأفعال منهم (وَآمَنُوا) بتوحيد الصفات (وَعَمِلُوا) ما يخرجهم عن حجب الصفات ويصلحهم لمشاهدة التجليات الإلهية بالمحو فيها (ثُمَّ اتَّقَوْا) بقايا صفاتهم واتخذوا الله وقاية في صدور صفاته عليهم (وَآمَنُوا) بتوحيد الذات (ثُمَّ اتَّقَوْا) بقية ذواتهم واتخذوا الله وقاية في وجودهم بالفناء المحض والاستهلاك في عين الذات وأحسنوا بشهود التفصيل في عين الجمع والاستقامة في البقاء بعد الفناء (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) المشاهدين للوحدة في عين الكثرة ، المراعين لحقوق التفاصيل في عين الجمع بالوجود الحقاني.
[٩٤ ـ ٩٥] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٩٥))
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بالغيب (لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ) حال سلوككم وإحرامكم لزيارة كعبة الوصول (بِشَيْءٍ) من الحظوظ يتيسر لكم ويتهيأ ما يتوصل به إليها (لِيَعْلَمَ اللهُ) العلم التفصيلي التابع للوقوع الذي يترتب عليه جزاء (مَنْ يَخافُهُ) في حالة الغيبة فإن الخوف لا يكون إلّا للمؤمنين بالغيب لتعلقه بالخطاب الذي هو من باب الأفعال. وأما في حالة الحضور فأما الخشية فبتجلي الربوبية والعظمة ، وأما الهيبة فبتجلي الذات. فالخوف من صفات النفس ، والخشية من صفات القلب ، والهيبة من صفات الروح (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ) بارتكاب الحظوظ بعد الابتلاء (فَلَهُ عَذابٌ) مؤلم للاحتجاب بفعله عن الشوق.
(لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ) لا ترتكبوا الحظوظ النفسانية في حالة الإحرام الحقيقي ، ومن ارتكبه قصدا منه ونيّة بميل قوى من النفس وانجذاب إليه لا لأمر اتفاقي أو رعاية خاطر ضيف أو صاحب (فَجَزاءٌ) أي : فحكمه جزاء قهره تلك القوة التي ارتكب بها الحظ النفساني من قوى النفس البهيمية بأمر يوازي ذلك الحظ (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ) من العاقلتين النظرية والعملية (مِنْكُمْ) أي : من أنفسكم أو من شيوخكم أو من أصحابكم المقدمين السابقين يعينان كيفيته وكميته (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) الحقيقية ، أي : في حال كون تلك القوة البهيمية هديا بإفنائها في الله إن كان صاحبها من الأقوياء ملبيا قادرا (أَوْ كَفَّارَةٌ) أي : ستر بصدقة أو صيام يزيل ذلك الميل ويستر تلك الهيئة عن نفسه أو بإيتاء حق تلك القوة والاقتصار عليه دون الحظ فإنها