إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (١٨٧) قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاَّ ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠) أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (١٩٣))
(وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ) أي : أولئك المتّبعون هم المفلحون بالرحمة التامة ، وأمّة من قوم موسى موحدون (يَهْدُونَ) الناس (بِالْحَقِ) لا بأنفسهم (وَبِهِ يَعْدِلُونَ) بين الناس في حال الاستقامة والتمكين (إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ) ما كان إلا كحال الإسلاميين من أهل زماننا في اجتماع أنواع الحظوظ النفسانية من المطاعم والمشارب والملاهي والمناكح ظاهرة في الأسواق والمواسم والشوارع والمحافل يوم الجمعات دون سائر الأيام ، وما ذلك إلا ابتلاء من الله بسبب الفسق (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ) لفقدان إدراك الحقائق والمعارف التي تقرّبهم من الله بالقلوب وعدم الاعتبار بالأعين والادّكار والفهم بالأسماع (بَلْ هُمْ أَضَلُ) لوجود الشيطنة فيهم الموجبة للبعد بفساد العقائد وكثرة المكايد (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) قد مرّ أن كل اسم هو الذات مع صفة ، والله يدبر كل أمر باسم من أسمائه (فَادْعُوهُ) عند الافتقار إلى ذلك الاسم به إما بلسان الحال كما أن الجاهل إذا طلب العلم يدعوه باسمه العليم ، والمريض إذا طلب الشفاء يدعوه باسمه الشافي ، والفقير إذا طلب الغنى يدعوه باسمه المغني ، كل بتحصيل الاستعداد الذي استلزم قبوله لتأثير ذلك الاسم وأثر تلك الصفة. وأما بلسان القال كما إذا قال الأول : يا رب ، يريد به يا عليم ، لاختصاص ربوبيته بذلك الاسم. والثاني : يريد بيا رب يا شافي. والثالث : يا مغني. وأما بلسان الفعل كما يدعوه الطالب السالك باتصافه بتلك الصفة فإذا فنى عن علمه بعلمه دعاه باسمه : العليم ، وإذا وجد شفاء دائه منه وطلب منه أن يشفي غيره باتصافه بصفة الشفاء دعاه باسمه : الشافي ، وإذا استغنى عن فقره به دعاه باسمه : الغني. وهذه هي الدعوة المأمور بها الموحدون من المؤمنين فليمتثلوا. (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) يطلبون هذه الصفات من غيره ويضيفونها إليه فيشركون به.
المراد بالساعة : وقت ظهور القيامة الكبرى ، أي : الوحدة الذاتية بوجود المهدي ولا يعلم وقتها إلا الله كماقال النبيّ عليه الصلاة والسلام في وقت خروج المهدي : «كذب