رسول الله ، خبرنا من هم وما أعمالهم؟ فلعلنا نحبهم. قال : «هم قوم تحابّوا في الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها ، فو الله إن وجوههم لنور وإنهم لعلى منابر من نور ، لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس»ثم قرأ الآية. قوله : وإنهم لعلى منابر من نور ، يريد به اتصالهم بالمبادئ العالية الروحانية كالعقل الأول وما يليه.
[٦٣] (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٦٣))
(الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) أن جعل صفة لأولياء الله فمعناه الذين آمنوا بالإيمان الحقيّ وكانوا يتقون بقاياهم وظهور تلويناتهم.
[٦٤] (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٤))
(لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) بوجود الاستقامة في الأعمال والأخلاق المبشرة بجنة النفوس (وَفِي الْآخِرَةِ) بظهور أنوار الصفات والحقائق الروحانية والمعارف الحقّانية عليهم المبشرة بجنة القلوب وحصول الذوق بهما واللذة (لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ) لحقائقه الواردة عليهم وأسمائه المنكشفة لهم وأحكام تجلياته النازلة بهم ، وإن جعل كلاما برأسه مبتدأ فمعناه الذين آمنوا الإيمان اليقيني وكانوا يتقون حجب صفات النفس وموانع الكشف من التشكيكات الوهمية والوساوس الشيطانية لهم البشرى في الحياة الدنيا بوجدان لذة برد اليقين في النفس واطمئنانها بنزول السكينة وفي الآخرة بوجدان ذوق تجليات الصفات وأثر أنوار المكاشفات لا تبديل لكلمات الله من علومهم اللدنية وحكمهم اليقينية أو فطرتهم التي فطرهم الله عليها فإن كل نفس كلمة.
[٦٥ ـ ٦٦] (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٥) أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٦٦))
(وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) أي : لا تتأثر به فإنه مراء وشاهد عزة الله وقهره لتنظر إليهم بنظر الفناء وترى أعمالهم وأقوالهم وما يهددونك به كالهباء فمن شاهد قوة الله وعزته يرى كل القوة والعزة لا قوة لأحد ولا حول. (هُوَ السَّمِيعُ) لأقوالهم فيك فيجازيهم (الْعَلِيمُ) لما ينبغي أن يفعل بهم ثم بين ضعفهم وعجزهم وامتناع غلبتهم عليه بقوله : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) كلهم تحت ملكته وتصرّفه وقهره لا يقدرون على شيء بغير إذنه ومشيئته وإقداره إياهم (وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ) وأي شيء يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء ، أي : إذا كان الكل تحت قهره وملكته فما يتبعون من دون الله ليس بشيء ولا