المطالب ورحمة رحيمية تهدي الناس وتزكّيهم وتعلمهم الحكم والشرائع (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) بالحقيقة دون الطالبين لحظوظ الدنيا.
[١٨ ـ ٢٢] (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (١٩) أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠) أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢١) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٢٢))
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) بإثبات وجود غيره وإسناد صفته من الكلام ونحوه إلى الغير (أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ) بالوقف في الموقف الأول محجوبين مخذولين (وَيَقُولُ الْأَشْهادُ) الموحدون (هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ) بالشرك ثم طردوا ولعنوا بسبب شركهم الذي هو أعظم الظلم (الَّذِينَ يَصُدُّونَ) الناس عن سبيل التوحيد ويصفونها بالاعوجاج مع استقامتها وهم مع احتجابهم عن الحق محجوبون عن الآخرة دون غيرهم من أهل الأديان.
[٢٣ ـ ٢٨] (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٣) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٤) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ (٢٧))
(قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ (٢٨) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) الإيمان اليقيني الغيبي (وَعَمِلُوا) الأعمال التي تصلحهم للقاء الله وتقرّبهم إليه من التوبة والزهد الحقيقي والإنابة والعبادة والصبر والشكر وما يناسبها من أعمال أهل السلوك ومقاماتهم (وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) وتذللوا واطمأنوا إليه بالشوق وانقطعوا إليه متفانين فيه (أُولئِكَ أَصْحابُ) جنة القلوب (هُمْ فِيها خالِدُونَ).
(فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) أي : الإشراق المليئون بأمور الدنيا ، القادرون عليها ، الذين حجبوا بعقلهم ومعقولهم عن الحق. (ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا) لكونهم ظاهريين واقفين على حد العقل المشوب بالوهم المتحير بالهوى الذي هو عقل المعاش لا يرون لأحد طورا وراء ما بلغوا إليه من العقل غير مطلعين على مراتب الاستعدادات والكمالات طورا بعد