طَغى ، وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا ، فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى ، وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى).
وإذا كان القرآن المجيد قد تحدث عن فضيلة الاعتبار هذا الحديث الواعظ الناصح ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد أشار إلى العبرة والاعتبار في نهاية الحديث المنسوب إليه الذي يقول : «أوصاني ربي بتسع أوصيكم بها : أوصاني بالاخلاص في السر والعلانية ، والقصد في الغنى والفقر ، والعدل في الرضى والغضب ، وان أصل من قطعني ، وأعطي من حرمني ، وأعفو عمن ظلمني ، وان يكون نطقي ذكرا ، وصمتي فكرا ، ونظري عبرا». وإذا كان الحديث هنا قد ذكر مادة الاعتبار الذي ينشأ عن التأمل والنظر والتفكر ، فإنه في مقام آخر قد اشار إلى هذا الاعتبار وإن لم يصرح بمادته أو اسمه ، وذلك في قوله : «إن الرائد لا يكذب أهله ، والله لو كذبت الناس جميعا ما كذبتكم ، ولو غششت الناس جميعا ما غششتكم ، والله الذي لا إله إلا هو لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستيقظون ، ولتحاسبنّ على ما تعملون. ولتجزونّ بالاحسان إحسانا ، وبالسوء سوءا ، وإنها لجنة أبدا ، او لنار أبدا».
* *
وإذا رجعنا إلى كتاب «نهج البلاغة» وجدنا الإمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه ، يكرر الاشارة إلى العبرة والاعتبار ، فنراه مثلا يقول : «إنما ينظر المؤمن إلى الدنيا بعين الاعتبار ، ويقتات منها ببطن الاضطرار ويسمع منها بأذن المقت والابغاض». وفي موطن ثان يقول :
«او ليس لكم في آثار الأولين مزدجر ، وفي آبائكم الأولين تبصرة ومعتبر ، إن كنتم تعقلون؟ او لم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون ، وإلى الخلف الباقين لا يبقون؟ او لستم ترون اهل الدنيا يمسون ويصبحون على احوال شتى ، فميت يبكى ، وآخر يعزّى ، وصريع مبتلى ، وعائد يعود ، وآخر بنفسه