العبودية لله
وتقول اللغة العربية ـ لغة القرآن الكريم ـ إن «العبد» هو الانسان حرّا كان أو رقيقا ، لأن الانسان مربوب الله عزوجل ، و «العبودية» هي إظهار التذلل ، لأنه يقال : طريق معبّد ، أي مذلّل بالمشي فيه ، ويقال : بعير معبّد أي مذلل ، وعبّدت فلانا أذللته ، ومن ذلك قول القرآن المجيد : (أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ).
و «العبادة» أبلغ من العبودية ، لأن العبادة هي غاية التذلل ، ولا يستحقها إلا من له غاية الإفضال ، وهو الله جل جلاله ، ولذلك قالوا إن العبادة هي الحب بغاية الذل والخضوع ، والتعبد هو التذلل والخضوع.
وكلمة «العبد» تطلق بمعنى المملوك ، وبمعنى الذي تستعبده الدنيا ، فيعكف على شهواتها وخدمتها ، وبمعنى المخلوق الذي أوجده الله وخلقه ، وبمعنى الذي يعبد الله مخلصا ، ويستشعر روح الخضوع له دائما ، وهذا المعنى الأخير هو المناسب للمجال الأخلاقي الذي نستعرض فيه عقد الفضائل التي دعا اليها القرآن.
ولقد ذكر القرآن الكريم مادة العبودية والعبادة في عشرات من الآيات ، وأرشدنا الى أن العبادة لله هي غاية العباد التي خلقهم لها ، فذلك حيث يقول في سورة الذاريات : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ ، وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ، إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) ، وهذه