العبادة يجب أن تكون مقصورة على الله ، ومن هنا نهى الحديث عما يشعر ـ ولو في الظاهر ـ بأن هناك عبودية لغير الله ، فقال : «لا يقل أحدكم لمملوكه : عبدي وأمتي ، وليقل : فتاي وفتاتي» لأن المستحق لذلك انما هو الله وحده لأنه رب العباد.
والعبودية نوعان : عامة وخاصة ، فالعبودية العامة هي خضوع أهل الأرض والسموات كلهم لجلال الله وقهره ، وقد أشار القرآن إلى هذا النوع في قوله في سورة مريم : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً).
والعبودية الخاصة هي عبودية الطاعة والمحبة ، وإليها الإشارة بقوله تعالى : (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) فهؤلاء العباد هم الذين خضعوا لربهم طوعا واختيارا.
و «العبودية» حلية المؤمن الذي يوقن بوحدانية ربه ، ويوقن بلقائه وجزائه فهو يستعد دائما لهذا اللقاء بالعمل الصالح ، واجتناب الاشراك بالله سبحانه ، ولذلك يقول القرآن في سورة الكهف : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً ، وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) ، ويقول في سورة البينة : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ ، وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ).
ولسموّ فضيلة «العبودية» جعلها القرآن الكريم صفة لخاتم الأنبياء وإمام المرسلين ، فقال في سورة البقرة : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) ، وقال في سورة الإسراء : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ). وقال في سورة الكهف : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً). وقال في سورة الفرقان : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً). وقال في سورة الجن : «وَأَنَّهُ لَمَّا