ووقاية ، والتقوى قوة وفتوة ، والتقوى بر وخير ، والتقوى إحسان وإتقان ، والتقوى وفاء وصبر.
وكيف يظن ظان بالتقوى ذلك والقرآن يعلّمنا أن التقوى إنما تكون لله وحده ، لأن الله تعالى يقول : (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) اي اتقوني وحدي دون غيري ، فالخوف إذن لا يكون إلا لله وحده ، وهذا خلق يورث العزة ، فما دمت لا تخاف إلا الله ، ولا تتقي سواه ، فأنت اذن لن تخاف من عداه ، وهذا كمال العزة ، ولذلك قال القرآن : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
وكذلك ينبغي أن نفهم أن التقوى لا تعارض التمتع بزينة الله تعالى التي اباحها لعباده ، وقد كان خيار السلف يتمتعون بها ويضربون مع ذلك أمثلة للتقوى ، وحسبك بالإمام مالك بن أنس قدوة في ذلك ، فقد كتب إليه يحيى ابن يزيد النوفلي يقول : «بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلّى الله على رسوله محمد في الأولين والآخرين ، من يحيى بن يزيد بن عبد الملك إلى مالك بن أنس : أما بعد ، فقد بلغني أنك تلبس الدّقاق ، وتأكل الرّقاق ، وتجلس على الوطيء ، وتجعل على بابك حاجبا ، وقد جلست مجلس العلم وقد ضربت إليك المطيّ ، وارتحل إليك الناس ، واتخذوك إماما ، ورضوا بقولك ، فاتق الله تعالى يا مالك ، وعليك بالتواضع. كتبت إليك بالنصيحة مني كتابا ما اطلع عليه غير الله سبحانه وتعالى ، والسّلام».
فرد عليه الامام مالك يقول : «بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلّى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. من مالك بن انس إلى يحيى بن يزيد. سلام الله عليك.
اما بعد ، فقد وصل إليّ كتابك ، فوقع مني موضع النصيحة والشفقة والأدب ، امتعك الله بالتقوى ، وجزاك بالنصيحة خيرا ، واسأل الله تعالى التوفيق ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اما ما ذكرت لي اني آكل الرّقاق ، والبس الدّقاق ، واحتجب ، وألبس الوطيء ، فنحن نفعل ذلك ، ونستغفر الله تعالى ، قد قال الله تعالى : «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ