وكذلك جاءت في القرآن آيات كريمات تشير إلى أن تحقّق الرضى عند الانسان إنما هو نعمة من الله ، وهبة من فضله يمن بها على الأخيار من عباده في الدنيا والآخرة. قال تعالى في سورة مريم على لسان زكريا بشأن ولده : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا). أي مرضيا عنه ، وإنما يكون مرضيا عنه عند الله إذا كان قد رضي بكلّ ما أمر به الله .. وجاء في سورة الحاقة عن المؤمن الفائز : (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ). وجاء في سورة الغاشية : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ ، لِسَعْيِها راضِيَةٌ). وجاء في سورة القارعة : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ). وجاء في سورة الفجر : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ، ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً ، فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي).
ويشير القرآن الكريم في أكثر من موطن إلى أن الرضى المحمود الجميل الطيب الاثر والثمر هو الرضى بما يأتي به الله تعالى عزوجل ، والرضى بما يأمر به الله عزوجل ، والرضى بما عند الله عزوجل ، وأما ارتضاء غير هذا مما يخالف أمر الله وحكمه ، فهو رضى مذموم ومشؤوم ، ولذلك جاء في سورة التوبة على سبيل التعريض والمؤاخذة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ؟ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ). وجاء فيها أيضا : (فإن رجعك الله الى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل ان تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين) (١) وجاء فيها كذلك : (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ (٢) وَطَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ). ويوجه الله المنحرفين إلى
__________________
(١) الخالفين : المتخلفين عن الجهاد.
(٢) الخوالف : النساء اللواتي يتخلفن عن الجهاد.