الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ). وقوله : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) وقوله : (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ (١) ، وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ). وقوله : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ ، وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ، ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ ، إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
وخلق الحياء وثيق الصلة بيقظة الضمير ، ويقظة الضمير وثيقة الصلة بحياة القلب وصفائه ، ولذلك يرى ابن القيم أن الحياء من الحياة ، وعلى حسب حياة القلب يكون فيه خلق الحياء ، وان قلة الحياء من موت القلب والروح ، فكلما كان القلب أحيى كان الحياء أتم.
* * *
ولقد عني رسول الله صلىاللهعليهوسلم بخلق الحياء ، وأكد التنويه به والرفع من مكانته ، فجعل الحياء وثيق الارتباط بالايمان ، فقال : «الحياء شعبة من الايمان» ، وقال : «ان الحياء والايمان في قرن ، فإذا سلب احدهما تبعه الآخر». ورأى النبي عليه الصلاة والسّلام رجلا يعاتب آخر بشأن الحياء فقال له : «دعه فإن الحياء من الايمان». وكأن الرسول عليه صلوات الله وسلامه قد جعل الحياء من الايمان لأن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي ، فصار كالايمان الذي يحول بين الانسان وهذه المعاصي ، ولعل هذا هو الذي جعل الرسول عليه صلوات الله وسلامه يقول : «استحيوا من الله حق الحياء» وحينما قال الصحابة : إنا نستحيي من الله يا رسول الله والحمد لله
__________________
(١) تفيضون فيه : تشرعون فيه وتتوسعون. وما يعزب : ما يغيب.