انه الصفة الاساسية الجليلة التي ارادها الحق تبارك وتعالى للامة لمؤمنة ، ولذلك يقول عز من قائل في سورة البقرة : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ، لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ، وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (١).
أي جعلناكم اخيارا عدولا ، وجعلناكم دون الانبياء وفوق الامم ، ما دمتم مهتدين بهدي الله ، عاملين بدينه ، وأحمد الاشياء أوسطها أعدلها ، وقد فسر النبي صلىاللهعليهوسلم كلمة «وسطا» في الآية بكلمة «عدلا». وقوله : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) اي شهدوا في المحشر للانبياء على اممهم ان الانبياء بلغوا الرسالة ، أدوا الامانة. وقوله : (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) اي يشهد بكم بانه بلغكم ، وأنكم أهل الايمان.
وقد ورد في هذا حديث رواه البخاري عن ابي سعيد الخدري جاء فيه : «يدعى نوح عليهالسلام يوم القيامة فيقول : لبيك وسعديك يا رب». فيقول : هل بلغت؟ فيقول : نعم. فيقال لامته : هل بلغكم فيقولون : ما اتانا من نذير. فيقول : من شهد لك؟ فيقول : محمد وامته. فيشهدون انه قد بلغ. (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) فذلك قول الله عزوجل : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ، لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ، وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً).
* * *
وقد صوّر «تفسير المنار» كيف أقبلت الامة الاسلامية ، فجعلها لله تبارك وتعالى وسطا بدينها ، وعملها به ، وتمسكها بأخلاقه ، حرصها على تعاليمه ، بعد ان سبقها صنفان من الناس ، احدهما
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١٤٣.