سميت «الوسطى» لانها افضل الصلاة واعظمها اجرا ، ولذلك خصت بطلب المحافظة عليها. وقد تكاثرت اقوال المفسرين في المراد بالصلاة الوسطى ، حتى شملت هذه الاقوال كل الصلوات ، وأيد كل مفسر قوله بدليل ، وكلمة «الوسطى» تحتمل ان يكون المراد بالصلاة الوسطى الصلاة المتوسطة المعتدلة التي لا نقصان فيها ولا افراط ، لان النقصان لا يكون وسطا ، لان الوسط هو العدل والخير ، والافراط لا يكون وسطا ، لانه مدعاة الى الملل.
ولقد تعرض الاستاذ الامام محمد عبده لبيان المراد من الصلاة الوسطى ، وذكر خلاف المفسرين في ذلك ، وأورد الحديث القائل : «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر» ، ثم قال : «ولو لا انهم اتفقوا على انها احدى الخمس لكان يتبادر الى فهمي من قوله (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) ان المراد بالصلاة الفعل ، وبالوسطى الفضلى ، اي حافظوا على أفضل أنواع الصلاة ، وهي الصلاة التي يحضر فيها القلب ، وتتوجه بها النفس ، الى الله تعالى ، وتخشع لذكره وتدبر كلامه ، لا صلاة المرائين ولا الغافلين.
ويقوي هذا قوله بعدها : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) ، فهو بيان لمعنى الفضل من الفضلى ، وتأكيد له ، اذ قالوا ان في القنوت معنى المداومة على الضراعة والخشوع ، اي قوموا ملتزمين لخشية الله تعالى ، واستشعار هيبته وعظمته ، ولا تكمل الصلاة وتكون حقيقية ينشأ عنها ما ذكر الله تعالى من فائدتها الا بهذا ، وهو يتوقف على التفرغ من كل فكر وعمل يشغل عن حضور القلب في الصلاة وخشوعه ، ولما فيها من ذكر الله بقدر الطاقة».
وقد علق السيد رشيد رضا على رأي الاستاذ الامام مؤيدا له بانه ليس هناك نص في الحديث المرفوع ينافي ما ذكره الاستاذ الامام ،