ليس بعده كمال ، لان الملتزم به يعطي كل ذي حق حقه ، يؤدي حقوق ربه ، وحقوق روحه ، وحقوق جسمه ، وحقوق ذوي القربى ، وحقوق سائر الناس.
ويكون الرسول صلىاللهعليهوسلم شهيدا عليكم ، لانه المثل الاعلى في التوسط والاعتدال ، وانما تكون هذه الامة وسطا باتباعها له في سنته وشريعته وسيرته ، وهو القاضي بين الناس فيمن اتبع سنته ، ومن ابتدع لنفسه تقاليد اخرى ، او حذا حذو المبتدعين.
فكما تشهد هذه الامة العاملة بالاسلام على الناس بسيرتها ورقيها المادي والروحي بان الناس قد ضلوا عن القصد ، يشهد الرسول صلىاللهعليهوسلم لامته بما وافقت فيه سنته ، وما كان لها من الاسوة الحسنة فيه ، وبانها استقامت على الصراط المستقيم.
وانما يتحقق لكم وصف «الوسطية» اذا حافظتم على العمل بهدي الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، واما اذا انحرفتم ، أو غيرتم وبدلتم ، فالرسول بنفسه ودينه وسيرته حجة عليكم بانكم لستم من أمته التي وصفها الحق جل جلاله بقوله في كتابه : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ، تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ) (١).
* * *
ووردت في القرآن المجيد آية اخرى تشير الى فضيلة الوسطية حتى في العبادة ، وهي قوله تعالى في سورة البقرة : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ، وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) (٢). وقد قال العلماء انها
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية ١١٠.
(٢) سورة البقرة ، الآية ٢٣٨.