والمقادير والمعاني من كل طرفين وسطهما ، وهو غاية البعد عنهما ، فاذا كان في الوسط فقد بعد عن الاطراف المذمومة بقدر الامكان.
وجاء في الحديث : «اذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ، فانه أوسط الجنة وأعلى الجنة». وقال عليه الصلاة والسّلام دالا على التوسط ، مرشدا الى الاعتدال : «ليس خيركم من ترك الدنيا للآخرة ، ولا الآخرة للدنيا ، ولكن خيركم من اخذ من هذه وهذه». وقال ايضا : «ان الله بعثني بالحنيفية السهلة ، ولم يبعثني بالرهبانية المبتدعة ، سنتي الصلاة والنوم ، والافطار والصوم ، ومن رغب عن سنتي فليس مني».
ويقول الامام علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه : «عليكم بالنمط الاوسط ، فاليه ينزل العالي ، واليه يرتفع النازل». والنمط هو الطريق ، وقيل ان النمط هم الجماعة من الناس امرهم واحد.
ويعود الامام علي الى التنويه بالوسطية والدعوة اليها ، والتحذير من الانحراف عن الصراط ذات اليمين او ذات الشمال ، فيقول : «اليمين والشمال مضلة ، والطريق الوسطى هي الجادة ، عليها باقي الكتاب ، وآثار النبوة ، ومنها منفذ السنة ، واليها مصير العاقبة ، هلك من ادعى ، وخاب من افترى».
وللفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه كلمة مشابهة يقول فيها :
«ايها الناس ، قد سنت لكم السنن ، وفرضت لكم الفرائض ، وتركتم على الواضحة ، الا أن تميلوا بالناس يمينا وشمالا». واذا تجنب الانسان الميل يمينا او شمالا فقد توسط واعتدل.
ثم يعود الامام علي الى تأكيد الثناء على التوسط ، فيقول : «خير هذه الامة النمط الاوسط ، يرجع اليهم الغالي ، ويلحق بهم التالي». ويقول : «نحن النمرقة الوسطى ، بها يلحق الغالي ، واليها يرجع