التالي». ويفسر هذا التعبير بعض العلماء بأن آل البيت اشبه بالنمرقة ـ وهي الوسادة ـ للاستناد اليهم في امور الدين ، كما يستند الانسان الى الوسادة لراحة الظهر واطمئنان الاعضاء ، ووصفها بالوسطى لاتصال سائر النمارق بها ، فكأن الكل يعتمد عليها ، اما مباشرة او بواسطة ، وآل البيت الطاهرون يسيرون على الصراط الوسط العدل ، يلحق بهم من قصر ، ويرجع اليهم من غلا وتجاوز.
* * *
هذا ولقد وردت كلمات حكيمة لاعلام سبقوا ، تدعو الى التوسط والاعتدال ، مما يدل على ان «الوسطية» فضيلة اسلامية محمودة ، فقال مطرف لابنه : «يا بني ، الحسنة بين السيئتين ـ يعني بين الافراط والتفريط ـ وخير الامور اوساطها ، وشر السير الحقحقة». والحقحقة هي أشد السير وأتعبه للظهر.
وقال أبو المعتمد السّلمي : «الناس ثلاثة اصناف : اغنياء ، وفقراء ، واوساط ، فالفقراء موتى الا من اغناه الله بعز القناعة ، والاغنياء سكارى ، الا من عصمه الله بتوقع الغير ـ بكسر الغين وفتح الياء ـ وأكثر الخير مع اكثر الاوساط ، واكثر الشر مع الفقراء والاغنياء ، لسخف الفقر وبطر الغنى».
والامام ابن القيم يتكلم عن «التوسط» فيرفع شأنه ، ويقرر مكانه ، فيرى ان «التوسط» احد اركان اربعة يقوم عليها حسن الاخلاق ، وهي الصبر ، والعفة ، والشجاعة ، والتوسط ، ويعبر عن معنى التوسط بلفظ «العدل». ويقول ان العدل يحمل الانسان على اعتدال اخلاقه ، وتوسطه فيها بين طرفي الافراط والتفريط ، فيحمله على خلق الجود والسخاء الذي هو توسط بين الذلة والوقاحة ، وعلى